بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق البشر والذي وهب لهم العقول
للتدبر والفهم ولكي يكون خليفته في الأرض وأصلي وأسلم وأبارك على المبعوث رحمة للعالمين
الهادي المبين الرسول محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي الذي بلغ الأمة وكشف الله به
الغمة فكان من أثره وهديه عليه الصلاة والسلام أن حثنا على التدبر والتفهم والتعقل
والأنصاف واننا على ذلك ملتزمون سبق أن نشرنا نص قيم ونفيس ذكره النسابة الأديب ضامن
بن شدقم الحسيني الغني عن التعريف صاحب المؤلفات النفيسة والتي لا زال أثرها لليوم
حتى قيل أن من لم يذكر في تحفة الأزهار فلا وجود لأثره. كيف لا وهو حفيد النسابة حسن
الشدقمي الذي أولاه علمه ومعرفته فأوفر له موروثاً علمياً كريماً من أنساب وعلوم وتاريخ
لأهل الحجاز قاطبة وكيف لا يعتبر حجة على أهل الحجاز هذا النساب حفيد بيت العلم والنسب.
ذكر رحمة الله النص الفريد الذي نصه في
المطبوع المجلد الثاني ص838 كما يلي:
سمعت ممن أثق به أن عبد العزيز كان في بيته
ويقصد بعبد العزيز بن أبي رميثة والذي من عقبه حسن بدر الدين ان عبد العزيز كان في
بيته فراسله قوم من الأشراف وغيرهم وطلبوه ليولوه عليهم شيخاً كبيراً أو على البلاد
أميراً فأمتنع لمعرفته بعواقب الأمور كما سبق في الدهور فأوحي ذلك الى الشريف زيد بن
محسن بن عمه حسين فتعجب وشكره على ذلك ثم طلبه مراراً عديدة فوصل اليه وتلقاه بقبولٍ
حسن ونعم جزيله وعين له مواجيب عظيمة فلم يزل منعم الحال خالي البال فأشار عليه بعض
الناس بالقيام على الشريف زيد وأنتزاع الأمارة منه فتعاهد مع غيطاس الفقارى السنجق
بجدة فحدر اليه وآتى بعسكر جرار لأخراج زيد فلما ورد الماء قال بعض أستقوا منه وقال
البعض نستقي من { الترابين } بمكة وذلك في العشر الأول من شهر محرم 1066هـ فخرج اليهم فأطلقوا
المدافع عليهم وكان زيد يأخذ كفاً من التراب يقرأ عليه ثم ينثره في وجوه القوم فما
أصابه ولا أحد من أصحابه شيء أبداً من الجمع سوى ... أصابته رصاصة قتلته وكادوا يهلكون
من شدة الظمأ لجزمهم على الشرب من { الترابين.}
وأن النص أعلاه الذي احتوى على الجملتين
المهمتين وهما عنوان موضوعنا :
1. فلما ورد الماء قال بعض استقوا منه وقال
البعض نستقي من {الترابين } بمكة.
2. وكادوا يهلكون من شدة الظمأ لجزمهم على
الشرب من {الترابين }.
وفحوى تحقيق النص ولتعضيد أركانه:
1. زودنا أحد الأشراف بنسخة من المخطوط
الأصل للتأكد في حال أن المحقق ربما صحفها من كلمة أخرى فظهرت واضحه {الترابين} مع عدم
تشديد الراء في الموضعين.
2. علمنا ان النسابة ضامن بن شدقم دقيق
في الأوصاف فهو يعرف استخدام الألفاظ في مواضعها وكيف ينبه عن مراده في الكلمات البليغة
فمثلآ عندما يقول ( فآتى نامي بن عبد المطلب بن حسن بالترك الجلالبه) فقد حدد وضعهم
أنهم الجلبية الأتراك وهم سادة الأتراك بمعنى زعماءهم وهنا لو كان يقصد بــ ( التـّرابين)
طائفة من العمال أو الصناع لذكر ذلك كما وضح في مواضع أخرى وسياق هذه الكلمة يخص قوماً
من سكان مكة تجمعهم روابط تراحم عرفوا بــ ( الترابين ).
3. بحثنا في كتب ومصادر تتكلم عن سكان مكة
وحال الحرم المكي وتطرقت للطوائف والسكان والتاريخ فلم نجد من المهن الموجودة أو الطوائف
التي عملت بالحرم من يسمى بالترّابين كما يدعي
الكاذبين وهذا يقطع بأن المقصود هنا { بالترابين } قوم تربطهم تسمية تحدد رحمهم وأتصالهم.
4. ان الحرم المكي وحاله يقتضي أن ماء زمزم
كان عليه القائمون على السقاية وهو لا يتطلب جهد للوصول اليه كما ان الحرم المكي في
السابق ليس كاليوم فقد كانت الكعبة المشرفة محاطة بالبيوت والمحال والأرض محيطها لم
تكن ممهدة كاليوم وأغلب ما حصل عليه أن هناك خدم آتى بهم الميسورون من الأحباش والهنود
كما أشار لذلك المؤرخ محمد بن علي بن فضل الطبري المكي في كتابه مكة اتحاف فضلاء الزمن
بتاريخ ولاية بني الحسن المتوفي عام 1173 هـ وهذا يؤكد وجود ماء بيد قوم يقال لهم { الترابين }.
5. حسب ما نرى أن الجيش كان يطمع لشرب الماء
في موضع معين من مكة المكرمة لماء تقع في ملكية ( الترابين)
لذلك أن النص يشير لقرب هلاكهم للوصول لتلك البقعة فالموضوع هنا لا يتكلم عن الحرم
المكي بل على موضع في أنحاء مكة المكرمة . والمستنتج هنا من هذا النص ما يلي:
1. وجود قوم يعرفون { بالترابين } في مكة المكرمة في القرن الحادي عشر الهجري
وبما أن موروث { قبيلة الترابين } يصر على أن أصلهم من مكة المكرمة وأنهم قرشيون من ذرية
عطية بن نجم القرشي وهذا ما ذكره عارف العارف وغيره فهذا النص يعضد هذا الأحتجاج ويؤكد
موروث قبيلة { الترابين }.
_________________________________________________________________________________
تنبيه: في مدونتنا لا نكترث بالأنتباه للأصوات
الشاذة التي قال شيوخ ووجهاء وأعيان ومخاتير قبيلة الترابين كلمتهم فيهم وذلك رفعت
الأقلام وجفت الصحف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق