بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام التامان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين له بأحسانٍ الى يوم الدين أما بعد :وردتنا بعض الأستفسارات من الأخوة على خلفيات ما نشر مؤخراً حول النص الذي نشرناه من كتاب تحفة الأزهار وزلال الأنهار من كتاب العالم النسابة ضامن بن شدقم الحسيني رحمه الله عن { الترابين } بألف ولام للتعريف وتاء مفتوحة مثناة وراء مهملة كذلك بعدها موحدة مكسورة وياء تحتية ساكنة ونون أخر الحرف.
{ سمعت ممن أثق به ان عبد العزيز كان في بيته ويقصد بـ عبد العزيز بن أبي رميثه والذي من عقبه حسن بدر الدين ان عبد العزيز كان في بيته فراسله قوم من الأشراف وغيرهم وطلبوه ليولوه عليهم شيخاُ كبيراً أو على البلاد أميراً فأمتنع لمعرفته بعواقب الأمور كما سبق في الدهور فأوحي ذلك الى الشريف زيد بن محسن
بن عمه حسين فتعجب وشكره على ذلك ثم طلبه مراراً عديدة فوصل اليه وتلقاه بقبولٍ حسن ونعم جزيله وعين له مواجيب عظيمة فلم يزل منعم الحال خالي البال
فأشار عليه بعض الناس بالقيام على الشريف زيد وأنتزاع الأمارة منه فتعاهد مع غيطاس الفقارى السنجق بجدة فحدر اليه وأتى بعسكر جرار لأخراج زيد فلما ورد الماء قال بعض أستقوا منه وقال البعض نستقي من الترابين بمكة وذلك في العشر الأول من شهر محرم سنة 1066 هــ فخرج اليهم فأطلقوا المدافع عليهم وكان زيد يأخذ كفاً من التراب يقرأ عليه ثم ينثره في وجوه القوم فما أصابه ولا أحد من أصحابه شيء أبداً من الجميع سوى ... أصابته رصاصة قتلته وكادوا يهلكون من شدة الظّمأ لجزمهم على الشرب من الترابين}.
والأستفسارات مضمونها عن 3 محاور:1. هل المقصود بان الترابين المذكورين هو قوم ذو وشيجة نسب أم مهنة؟
2. لماذا لم يذكر نسبهم ضامن بن شدقم ؟
3. هل يحتمل انهم أبناء عمومة قبيلة الترابين اليوم ؟
نعلم جيداً أن مكة المكرمة هي أطهر بقعة على وجه الأرض ولا تزال محط اهتمام ورعاية المسلمين فلا نجد تدوين أخبارها وحالها قد انقطع ونجد أن ذكر ما يخص الكعبة المشرفة والطوائف التي عملت فيها والرعاية ذكرت بأكمل وجه لذلك نرى موسوعات اليوم تصدر لتتكلم عن تاريخ مكة منذ قبل الأسلام لعصرنا هذا لتكون سلسلة متصلة , وقد ذكرت طبقات من العاملين في الحرم المكي تفصيلآ وعلى سبيل المثال نجد ان { السقاية } قد فصلت شواهدها فذكرت السقاية في مكة قبل العهد النبوي وأوائل القائمين عليها , والسقاية في العهدين النبوي والراشدي , وكذلك تاريخ وشواهد هذه المهنة الشريفة في العهود: الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني والسعودي , النظرة الأجتماعية للقائمين على السقاية , والصناعات المرتبطة بالسقاية عبر العصور التاريخية , ولم نجد مهنة عرفت بالترّابين بتشديد الراء في مكة المكرمة أو الحرم المكي ولو كانت لوجد لها أثر في المصادر ولكن هل يصح مثلآ أن نأخذ مهنة في مكان وبلد آخر ونصبها على مكان وبقعة أخرى ؟؟ لا يمكن لأصغر باحث أن يقر بذلك فلكل مكان وزمان ظرفه , أما كونهم ذو وشيجة نسب فالنص يتضح فيه أن الترابين قوم وبيدهم بئر ماء ولا يشترط بذلك بأنهم قوة ضاربه فأمتلاك الآبار والأملاك لا يقتضي بالضرورة وجود قوة ضاربه ما دامت هذه الرقعة تتبع سلطة فيها حفظ للأملاك وان كانوا أصحاب مهنة فهل يصح أن لديهم الماء فلو ضربنا مثلآ ان { الترّابين } هنا من يقومون بنقل الأتربة فهل بيدهم الماء أم بيد أهل السقاية , كما ان النص واضح لا يتحدث عن الحرم المكي بل عن نواحي مكة المكرمة , ولقد أجتهدنا بكل المصادر المتاحة فلم نجد من المهن التي ذكرت في مكة المكرمة والتي وجدنا فيها طوائف مثل البزازين , الغزالين , واللبانيين , والحمارين , والقواسين , والبرامين , والحدادين , والحجامين , والحذائين , والوراقين , والدفانين , والمزوقين , والجزارين , والنجارين ... الخ
أما عن لماذا لم يذكر ضامن بن شدقم نسبهم فنقول أن النسابة ضامن بن شدقم في التنسيب جمع بين الرواية المسندة والتحصيل والنقل عن المشجرات , فهو أخذ بالرواية المسندة عن جديه علي وحسن وعن خاله السيد محسن بن حسن الشدقمي وعن السيد عبد الرضا بن شمس الدين علي بن علي الحسيني وأما عن تحصيله فهو قد طاف في الأرجاء وأستخبر عن الأحوال وأستوثق ووثق فهو حجة على الحجاز بلا ريب , وعند الموسوية مثلآ نقل عن مشجراتهم مثل مشجرة ذرية محمد بن أحمد الزاهد وغيرهم , وقد ذكر ضامن بن شدقم في كتبه حمائل من الأشراف ولم يتطرق لتأصيلها من أي الأشراف هم أو من هو جدهم اما على سبيل الأستحاطة أو الأرسال المطمئن كعادة النسابين الحذقين , والنص هنا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار فقد قال في مطلعه { سمعت ممن أثق به } أي انها رواية منقولة من الثقات فايراد الترابين هي برواية هؤلاء الثقات ولا يشترط عندهم النسب وعدم التطرق لنسبهم لأن الرواية ليست محل التحقيق عند ضامن بن شدقم وهو بالنهاية ليس معصوماً وجهده معرض للنقص وقولنا بأن الترابين من قريش وهو الموروث لا يقتضي قطعاً كونهم من الأشراف فبطون قريش كبيرة وواسعة وقد وجدنا النسابة ضامن بن شدقم قد ذكر بعض البيوت من الأشراف وأستعصى تأصيلهم فليس كل ما يورد في النصوص محل تحقيق وانما تذكر فيه الجمل الدالة الكافية.
احتمالية كونهم أبناء عمومة لترابين اليوم لا يناقضه واقع زمني أو منطقي فقد يكونون أبناء عمومتهم من جد آخر قريب لجدنا عطية بن نجم القرشي , وقد يكونون ممن نزحوا من وادي تربة وعرفوا بالترابين وقد يكونون أيضاً هم من ذرية جدنا عطية بن نجم القرشي ونزحوا فيما بعد لمسقط رأسهم مكة المكرمة وهذا لا ينافيه الواقع ولا المنطق , النص ثمين في ذاته ومكنونه ودلالته وموضعه فهو في أفضل حالاته يؤكد ارتباط الموروث مع الحقائق التاريخية بصحة النسب القرشي وفي أسوء الحالات يؤكد وجود قوم بأسم الترابين ذو وشيجة نسبية بمكة المكرمة وهذا أيضاً يتطابق مع الموروث حول النزوح الحجازي القريب .
فلنحتكم للسان العرب وبالأدلة عما ورد بنص ضامن بن شدقم ( تحفة الأزهار) .
الحجة الأولى: وأكبر دليل على افترائهم أن ( الترابين) في النص لفظ غير مشدد الراء كما هو في المصدر: لأنها على زعمهم مهنة والمهنة تكون بتشديد عين الفعل فمثلآ نقول حرّاث حدّاد , سقّاء , وجمعه على الترتيب حرّاثون , حدّادون , سقاؤؤن هذه الحجة الأولى وفتح عينك على ان الترابين في النص جاء غير مشدد الراء بل جاء اللفظ بألف ولام للتعريف وتاء مفتوحة مثناة وراء مهملة كذلك بعدها موحدة مكسورة وياء تحتية ساكنة ونون أخر الحرف, وقد شدد كلمات قبلها الشرّب , وشدّة والظّمأ , الحجة الثانية وقد جاء في اللسان في باب ( ت ر ب ) : الترب والتراب والترباء والتورب والتيرب والتوراب والتيراب والتريب الأخيرة عن كراع كله واحد وجمع التراب (اتربة) وتربان ( بكسر التاء) عن اللحياني ولم يسمع لسائر هذه اللغات بجمع . وعلى هذا
فالترابين ليس جمع لأي مفرد مما سبق سوى ان جمع تراب أتربة وتربان فمن أين جاءوا بأنهم ناقلون للتراب؟ فلم يرد في جذر معاني هذه الكلمة أي معنى لنقل التراب ( لسان العرب).
الحجة الثالثة: معنى كلمة سقى جاء في اللسان : قال سبويه : سقاه أسقاه جعل له ماء أو سقيا فسقاه ككساه وأسقى كألبس أبو الحسن .. يذهب للتسوية بين فعلت وأفعلت وأن أفعلت غير منقولة من فعلت لضرب من المعاني كنقل أدخلت والسقي : مصدر سقيت سقياً وفي الدعاء سقياً له ورعيا ! وسقاه ورعاه : قال له: سقياً ورعيا وسقيت فلاناً وأسقيته اذا قلت له سقاك الله. قال ابن بري : والمعروف في شعره : فما زلت أبكي عنده وأخاطبه والسقي.
والسقي ما أسقاه اياه. والسقي : الحظ من الشرب يقال: كم سقى أرضك أي كم حظها من الشرب؟( انتهى) . ولم يرد معنى سقاء بمعنى تراب في جميع جذور الكلمة ولو كان الترابين بتشديد الراء بمعنى السقائين فلماذا قال البعض نستقي من الترابين ولم يقل نستقي من السقائين .
قلت : وللتوضيح من تدليسات البعض من النكرات للخلط وقلب الحقائق لباطل , سنشير لبعض المصادر التي ذكرت كنية أنصار علي بن ابي طالب رضي الله عنه فهناك كتاب للعلامة لأبي مخنف لوط بن يحيى أسماه ( أخبار الترّابيين) والمقصود بالترّابيين أنصار علي رضي الله عنه لأن كنيته أبو تراب ولا علاقة للترابين في نص ابن شدقم بالترّابيين والتي يحاول البعض تمريرها بالتدليس على العقلاء فإن المتتبع لمن كان من أنصار علي رضي الله عنه كان يطلق عليهم ( التُرابيّة) نسبة الى كنيته وقد ورد ذلك في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني وقد جاء فيه 104/8 ( فقال له : إنطلق الى ابني عباس , فقل لهما : أعتمدتما الى رايةٍ ترابيّةٍ قد وضعها الله فنصبتماها , بدًّدا عني .. وقد جاء في كتاب مروج الذهب ص 432
( فلما علم من بقي من الترابيين أن لا طاقة لهم بمن بإزائهم من أهل الشام إنحازوا عنهم ).
أدخل من هنا ( دلالات وجود الترابين في الحجاز)
هذه الصورة للكعبة في عام 1930م وكما ترى الأرضية هي تراب وليست مطوبة رغم ان النص لم يشير لها لا من قريب ولا من بعيد كما حاول أن يشير لها بعض الجهلة من المزورين !!
هذه الصورة للكعبة في عام 1930م وكما ترى الأرضية هي تراب وليست مطوبة رغم ان النص لم يشير لها لا من قريب ولا من بعيد كما حاول أن يشير لها بعض الجهلة من المزورين !!
في النهاية نشكر جميع أبناء الترابين بالنقاش العلمي الهادف ونؤكد لكم جميعاً ان مدونتنا هي المدونه الرسميه للقبيلة والمخولة من كبارها وشيوخها وأعيانها لمصداقية ما يتم نشره ونحن نتنزه في الدخول في جدال ومهاترات مع من يتبنون اجندات تسيء للقبيلة ويجيرون تاريخها وأمجادها وصولاتها للغير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق