إن علم الأنساب علم بشري تقوم ركيزته على علوم الرجال والتاريخ والتناسل والأعقاب فيكون رباطاً بين مختلف العلوم والأنساب هي عبارة عن سلسلة من الرجال عاشوا فترات من التاريخ فلا نستغرب مثلا من أن يكون عقب رجل حجازي موجود مثلا على أطراف أوروبا إذا ذكرت الحقائق التاريخية أصول الهجرة وكذلك من كان له بعلم الرجال الترحل والتنقل فالعلم بالأصل يرتقي بالمحقق المدقق.قد يتذرع البعض بمذهب أحد النسابين ليسقط علميته أو نصوصه التي من الممكن تخالف هواه، وهذا رأي يلجأ إليه المفلسون علمياً، فالعلم الانساني يساهم فيه الناس من مختلف أعراقهم ومعتقداتهم ما داموا يذكرون الحقيقة ولم تخالفهم حقائق ثابتة بل ولو فرضنا مثلا أن اعتقادا أو مذهبا معينا أسرف في ذكر معلومات نسبية غير صحيحة فهي ليست ذريعة أن جميع معتقدي هذا الاعتقاد على نفس السيرة فالقاعدة التي أصلها القرآن الكريم ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) تؤكد على المعاملة الانصافية بالتجرد من المحاسبة بناء على أفعال الآخرين كما أكدت ذلك وعضدته آية أخرى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) . علم الأنساب عند العرب بزغ نجمه في ظهور محمد بن السائب الكلبي من رجال القرن الهجري الأول ونهل منه ابنه هشام الذي ألف في الأنساب الكثير وهشام ووالده محمد من الشيعة واعتمد عليه جملة من الثقاة فوثقوه في الأنساب وهذا محل اتفاق المحققين. بل وفي الأنساب الطالبية والعلوية تعاقب النسابة الشيعة ابتداء من يحيى العقيقي النسابة بن الحسن بن جعفر الحجة بن عبيدالله الأعرج من رجال القرن الثالث الهجري وهو شيعي صرف لقب جده بالحجة كما ذكر العمري بأن الشيعة سمته الحجة وعند ابن عنبة أنه من أئمة الشيعة الزيدية وهو مؤلف كتاب المعقبين من ولد الإمام أمير المؤمنين فتلاه شيخ الشرف العبيدلي وأبي الحسين علي العمري وابنه ابو الغنائم محمد نسابة البصرة العمري والحفيد نجم الدين أبو الحسن علي مؤلف المجدي في أنساب الطالبيين ما بين القرن الرابع والخامس الهجري وكلهم من الشيعة الامامية، وعاصرهم ابي اسماعيل بن ابراهيم طباطبا مؤلف متنقلة الطالبية وهو من الشيعة، ولو عددنا الأسماء لوجدنا جهابذة النسب جلهم من الشيعة ونعدد عدد منهم ابن الطقطقي مؤلف الأصيلي وابن معية شيخ ابن عنبة وجمال الدين ابن عنبة عميد النسابين مؤلف عمدة الطالب و عميد الدين النجفي مؤلف المشجر الكشاف وضامن بن شدقم الحسيني المدني ،،، إلخ.فهؤلاء جمهور وعظماء في أنساب العلويين والطالبيين من الشيعة كتبهم اليوم مصادر لا خلاف فيها في تأصيل النسب الشريف وفي نفس الوقت نجد أن هناك من شاركهم في التصنيف من أهل السنة والجماعة وما الضير من ذلك ما دامه علم إنساني. إن أصحاب النظرة الضيقة هم من يتذرعون بمثل هذه الأعذار الواهية، نحن نجد من الأجانب وغير المسلمين حتى ابداعهم في هذا الجانب فلو أمعنا النظر في موسوعة البدو للبارون أوبنهايم نجده أنه أبدع في التأصيل والتدوين وكان منصفا يحقق وينظر ويناقش وهو ألماني مسيحي وكذلك طائفة من المستشرقين نقيسهم على مقياس العلم والانصاف. إن كثير من المحققين جعلوا تحقيق النصوص النسبية قائمة على مدى معلومية القائل ومدى جزمه فيها فإن لم يكن من أهل البلد وتحدث بالأخبار قلت وثاقته وصار وقوعه في الوهم محتملاً ومن كان أصله الشك والظن سقط به الاستدلال مهما كان اعتقاده ومذهبه، فنحن في ظل الثورة المعلوماتية كم من الأخبار تتناقل عن بلدان بعيدة تكون بعيدة عن مسطرة الحق وغير دقيقة لذا فالواقع يؤكد أن ما يرد في علم الأنساب مسطرته الحقيقية قائمة على التحقيق العلمي وليس الأهواء. وفي طرفة يتداولها علماء الأنساب أن شخصاً اعترض على نسابة معين بكونه من مذهب مخالف وقال أن جملة ما أتى فيه فهو باطل لأن معتقده فاسد على حسب تعبيره فقالوا له ما رأيك في السيارة فأجابهم بالمديح والثناء فذكروا له أن السيارة نتاج أجنبي من دين مختلف فلماذا يقبل منهم هذا المنتج ويثني عليه ويستعمله بينما نسابة لا ذنب له سوى أنه من مذهب مخالف طعن فيه ولم يقبل منه حرفاً فحتى الكاذب يخرج منه الصدق أحياناً، لذا فإن المشتغلين بالأنساب من المنصفين لا يعتبرون المذهبية من العراقيل بل يؤمنون بأن العلوم الانسانية هي نتاج حضاري للجميع حق المشاركة فيه. ( اسماعيل بن عياد الترباني )
الاثنين، 17 أغسطس 2015
New
النسب والمذاهب والقول الفصل
عن هنا الترابين
هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق..
مجالس الترابين العام
تم النشر في قسم :
أقلام وأراء,
مجالس الترابين العام
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق