التزوير المفضوح في نصوص العلامة عبد القادر الجزيري - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

التزوير المفضوح في نصوص العلامة عبد القادر الجزيري

بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم

إن التنسيب والأنساب علم بحره عميق , وهو أكبر من التثبت فقط في النصوص بالفهم السطحي وتفسيرها حسب الأهواء ولكن الأصل فيه على التحليل التاريخي والمنطقي والنصي بعضد من التواتر من القوم أنفسهم فكما هو الدارج عند أهل العلم { العناوين تتغير مضامينها مع الزمن } , إن القبيلة العربية اذا كثرت تفرعاتها , اصبحت لا تنتسب الى القبيلة الأم , وإنما ينتسب كل فرع إلى فرعه , وقد ينسى مع طول الزمن وانتشار الجهل , ينسى نسبها الأصلي , وهذا هو الحاصل في أنساب كثير من القبائل العربية ,قال خطيب أهل السنة ابن قتيبة في [ المعارف ص2 ] مبيناً سبب تأليفه لهذا الكتاب : " ... , فإني رأيت كثيراً من الأشراف من يجهل نسبه , ومن ذوي الأحساب من لم يعرف سلفه , ومن قريش من لا يعلم من أين تمسه القربى من رسول الله عليه وسلم وأهله , أو الرحم بالأعلام من صحابته , ورأيت من أبناء ملوك العجم من لا يعرف حال أبيه وزمانه , ورأيت من ينتمي إلى الفصيلة , وهو لا يدري من أي العمائر هي ؟! وإلى البطن , وهو لا يدري من أي القبائل هو ؟", ولا يختلف عالم بأحوال القبائل العربية على وجود الأحلاف والموالي في القبيلة لذا يتدرج التنسيب ودرجاته فهناك من المشتغلين بالأنساب من العوارف وهم يعرفون التفرعات في الأفخاذ, والبطون ومن هو صليبة القوم ومن هم أحلافها وصناعها وعبيدها , وهناك الجامعون وهؤلاء من يجمع النصوص على ظاهرها ولا يميزون بين أبيضها وأسودها . وهناك النسابون المحققون من أهل العلم والتحقيق فيربطون القرائن التاريخية , ويحللون النصوص بما يليق بها ويبرزون القرائن الدالة , وهؤلاء على قمة الهرم في ما يخص الأنساب , ومن سماتهم الصدق والعفة وحسن الخلق , وكثير من النسابة يقعون في أخطاء من سبقوهم من العلماء فيقعون في نفس الخطأ وذلك لشهرة قائله أو لعدم الإطلاع على ما يعارضه من وقائع مما يؤدي في حصول اللبس , والخلط في أنساب القبائل . اليكم الأخطاء النصية التاريخية في الأنساب ومسطرة التصحيح : كثير من المؤلفين اعتمد كتاب الدرر الفرائد في طريق الحج ومكة المعظمة , كـ نصوص أنساب لبعض القبائل البعيدة , واستثناء البعض والتي هي  من ديار المؤلف , وهنا تقع الأخطاء فأقول المؤرخ في بلده معتبرة , وأما روايته عن البلدان الأخرى يجب أن تفحص وتختبر وتدقق , فعلم النسب من العلوم التي تحتاج الى رحلات وزيارات للقبائل الذين يدون نسبهم وكلما كان المؤلف قريباً من موطن القبيلة التي يؤرخ عنها كلما كان قوله أسلم , وأرجح اذا لم يعرف الكذب . والشيخ حمد الجاسرالحربي مؤرخ الجزيرة العربية , ومحقق كتاب الجزيري الدرر الفرائد  رحمه الله لم يعتمد ما احتواه هذا الكتاب حين كتب عن اصول القبائل العربية في الجزيرة العربية . فهو ليس حجة حين كتب عن نسب الترابين في بعض المراسلات , ولو طال به العمر رحمه الله وتنبه لقول الجزيري في الباب الثاني في امارة الحج ج1 ص209 " عادة أمير الركب الحجازي أن يكون لخيامه من الأبهة والحرمة لانه سائر بالوفد ماراً على عربان مختلفة الأجناس كالعقبي والبلوي والعطوي والحويطي وغيرهم . " لأتبع الحق وتراجع عن قوله ولدار مع الحق حيث دار كما فعل حين أخطأ في نسبه وصححه له المؤرخ فائز البدراني الحربي وقد ذكر ذلك في مجلته مجلة العرب ج9و10س24 الربيعان سنة 1420 هـ ص711 فقد وضح الأستاذ فايز البدراني ان الشيخ حمد الجاسر رحمه الله من الشبول من بني علي من مسروح من قبيلة حرب وليس من سليم كما ذهب له في السابق وعلى اثر ذلك ذكر رحمه الله في مقدمة كتاب البرود ص17 وقال: ( استفدت من مؤلفات حديثة في الأنساب للأستاذ فايز بن موسى البدراني الحربي وهو في رأيي خير من يعول عليه فيما كتب عن قبيلة حرب ) فالرجل اعترف بالخطأ الذي ارتكبه عن نسبه , فلو علم عن جزئية الجزيري ( العربان أجناس مختلفة ) لتراجع فوراً ونوه عن ذلك الخطأ الفادح , فكتب التاريخ أخطأت في نسب قبيلة حرب ولم يعتمدها حمد الجاسر نفسه رغم قدمها ولم يعتمد في كتاباته الدرر الفرائد للجزيري حين كتب عن قبائل الجزيرة العربية . واليكم قرائن الأخطاء التاريخية عن قبيلة حرب : قال ابن حزم الأندلسي : " إن بنو حرب من بني هلال ونقل منه ذلك القول الحمداني والعمري والقلقشندي وابن خلدون والمقريزي وهو خطأ بلا شك رغم إن ناقليه كثر فيما بعد , فهل يتم اعتماد هذا النصوص القديمة لقبيلة حرب وضرب عرض الحائط بما وثقه الجاسر والبدراني عن قبيلتهم ومخالفة الموروث , ولكن هناك نصوص تطابق موروث قبيلة حرب ظهرت بعد مئات السنين من قول ابن حزم والعمري والقلقشندي وابن خلدون والمقريزي , تفيد بأن بني حرب نزحوا من اليمن وأصلهم من خولان الأزد وهذا ما أظهرته القرائن والحجج الكثيرة فهل يعني إن قول إبن حزم صواب لكثرة ناقليه , كذلك الجزيري نقل عنه البعض دون تحقيق وغربلة وتمحيص فتم اعتماد جزء مما ذكره في باب الأدراك وتم اغفال قوله الدسم بأن العربان أجناس مختلفة فالمؤرخون نصوصهم ليست قطعية لأن المؤرخ بطبيعة الحال ليسوا نسابة ويعتمدون على ما يسمعون وإن كلامهم ما بين صوابٍ وبين خطأ وبين كلام غير دقيق وهذه الأخبار تفندها القرائن التي تبطل إحتمالية النص وبطبيعة الحال التاريخ جهد بشري ليس نصاً معصوماً , فلماذا تغاضى نسابة حرب عن هذه النصوص القديمة كالنسابة فائز بن موسى البدراني الحربي والشيخ النسابة حمد الجاسر الحربي مؤرخ الجزيرة العربية رحمه الله فأهمالهم هذه النصوص لأنها تخالف موروث قبيلة حرب الكريمة فأهل مكة أدرى بشعابها لأن أقوال كبار مشايخ قبيلة حرب وحسب موروثهم الشفاهي تخالف تلك النصوص . فقد امتهن البعض في هذا العصر التدليس والتلبيس والكذب حين  يروجون لكتاب الدرر الفرائد كـ ( كتاب أنساب )  ولو تتبعنا اثرهم ستجدهم نكرات في مجتمعاتهم ويتناولون النصوص على عواهنها ولا يفرقون بين الحيض والبيض . فالتزوير : لغة مصدّر زور ومعناه التمويه والتلبيس , ومع ذلك زور بمعنى كذب , وزوّر الشهادة ابطلها , وزوّر الكتاب افسده بادخال التعريق عليه . والتزوير اصطلاحاً هو تدرج طالب لامر يبغيه , على اسلوب يوهم انه محق به . وليس المراد بذلك أن المزور على حق فيما يدعي بل أن يدار الحق معه , والحق في نظر المزور هو ما وافقه فحينما كانت له مصلحة فهناك يرى الحق . فالتزوير اذن انما هو تغاير بين ظاهر وباطن في أمر للخروج بالحقيقة فيه من وجهها الشرعي الى وجه غير شرعي . وما التزوير الا افساد الصالح وتضليل العقل , وعلى الجملة فهو وسيلة لاغتصاب الحق واهتضامه . ومن اقبحها تزوير الانسان على الانسان كأن يوقع احد باسم ليس باسمه ويدعي ان التوقيع هو لفلان , وهناك صنف آخر من المزورين لديهم البراعة في لي عنق النصوص بحيث يجتزؤون ما يدعم رأيهم , كما حاول البعض الاستناد للجزيري في نسب القبائل التي ورد ذكرها في كتابه الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة والتغاضي عن قوله الدسم  في الباب الثاني في امارة الحج الجزء الأول ( ص 209 ) : { عادة أمير الركب الحجازي أن يكون لخيامه من الأبهة والحرمة لانه سائر بالوفد مار على عربان مختلفة الأجناس كالعقبي والبلوي والعطوي والحويطي وغيرهم . } فقد اوضح الجزيري رحمه الله ان  العربان أجناس مختلفه  أي بمعنى : [ من أصول مختلفة ] أي أنساب القبائل التي جاء ذكرها في الكتاب مختلفة ,   وهذا يذكرنا ما ذكر عن بلقيس ملكة سبأ  في بعض الروايات والله اعلم , قالوا انها عرضت على سيدنا سليمان زهراً حقيقياً وزهراً صناعياً , وهما على بعد منه لا يتمكن بقوة النظر أن يميز بينهما , وسألته اي هو الحقيقي وأي هو المزور , فلما التبس عليه القضاء بينهما أمر بأن تفتح نافذة مطلة على حديقة ففتحت , وكان في الحديقة نحل فجاء الى الزهر الحقيقي دون الصناعي , فلما رأى سيدنا سليمان  النحل حام على احد النوعين عرف انه هو الحقيقي وأن الآخر هو المزور . فالتزوير من السهل اكتشاف امره فيذكرنا هذا الكذاب بـ قصة تاريخية وهي " نقد كتاب مزور " واليكم الرواية : يقال لما رجع أحمد بن علي الخطيب البغدادي الى بغداد تقرب من رئيس الرؤساء ابي القاسم بن مسلمة وزير الخليفة القائم بأمر الله , وأتفق أن بعض اليهود أظهر كتاباً وادعى أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باسقاط الجزية عن أهل خيبر , وفيه شهادات الصحابة , وأنه بخط علي بن أبي طالب رضي الله عنه , فعرضه رئيس الرؤساء على أبي بكر أحمد بن علي الخطيب فقال : هذا مزور ! فقيل له : من أين لك هذا؟ قال : في الكتاب شهادة معاوية بن أبي سفيان , ومعاوية أسلم يوم الفتح , وخيبر كانت في سنة سبع , وفيه شهادة سعد بن معاذ وكان قد مات يوم الخندق في سنة خمس فأستحسن ذلك منه وكشف خداع اليهود . وفي مقالنا هذا نكشف زيف وخداع من اطلق على نفسه الباحث والنسابة , ويقوم بمراسلة فلان وعلان وكأنه وصي على تاريخنا ونحن الأعلم بتاريخه الحقيقي ومتى التحق اجداده بالقبيلة حلفاً . 
الباحث : اسماعيل بن عياد الترباني .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق