الكفيل في القضاء العرفي - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

الكفيل في القضاء العرفي

الكفل نوعان : غائب وحاضر , فالغائب هو الذي لا يحضر مجلس القضاء حينما ترفع 
( الدعوى ) ولكنه يتم اعلامه عن هذا الكفل , وللكفل شروط وهي ان لا يكون مكبوراً حتى لا يتم التفويل فالكفيل الغائب يختاره الحاضرون والقاضي لإنقاذ الأمر , والحاضر هو القائم بين الحضور في أثناء الدعوى , على ان لكل منهما واجبات خاصة تختلف عن واجبات الآخر : فالغائب مضطر الى قبول الكفالة ان بلغ بها من قبل القاضي وووافق عليها والحاضر له الخيار في قبولها او رفضها لذلك جاء في امثالهم : ( الغائب مضطر والحاضر حر ) ولا بد للكفيل من صفات , أخصها أن يكون معروفاً بين الناس بصدقه واقتداره على الدفع , والذين يحرمون حق الكفالة هم شاهدوا الزور , والجبناء الذين يشردون في الحروب والغزوات , هؤلاء كلهم مرذلون عند العربان , لا يقبلون في مجالس الكرام واليكم التفصيلات المهمة في الكفلاء حسب النظام المتبع في قانون القضاء العرفي .
شروط الكفالة : ان يكون الكفيل من الوجهاء المقتدرين والمعروفين بين القبائل وغير فاقد للأهلية والا يكون مكبوراً وان يستطيع الوفاء اذا كان كفيلاً للوفاء ومفوض من عشيرته بألا ينقض كفالته أحد من قومه وان كفيلاً للدفا ان يكون قادراً على درء المخاطر هو وقومه ومن شروط الكفالة ان يكون الكفيل محايداً من غير المتنازعين وصاحب عزوة وجاه , ويقال : " دافع للمال , حاكم للرجال " وفي الحالات الاستثنائية يقبل كفل أحد افراد المتخاصمين من المشهود لهم بالوفاء والأمانة في المجتمع , وان يكون صاحب سمعة حسنة وسيرة طيبة بين الناس ولم يسبق له ان تخلى عن كفاله ولم يحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف او ثبت عليه سوء السلوك , ولا يتم الحكم في اي قضية الا بوجود الكفلاء كفيل الدفا وكفيل الوفا لأن كفيل الوفا هو ضامن متضامن وملتزم بدفع الحق لصاحبه حسب حكم القضاء , وكفيل الدفا هو الضامن المتضامن المانع لأي نزاع في القضية وكفالته مستمره في عدم استمرار النزاع الى ان ينتهي هذا النزاع بالحكم القضائي وجميع آثاره .
أنواع الكفالة : كفيل الوفاء : هو الضامن المتضامن مع الجاني وقومه بكل الحقوق التي يصدرها القاضي للمجني عليه وقومه ويعتبر كفيل الوفا ملتزماً من ساعة قبوله لهذه الكفالة حتى انتهاء النزاع والوفاء بكل الحقوق التي تصدر من القاضي وتشجيعاً للمروءة التي يتبناها الكفيل يكون له قيمة تخصم من الحق الصادر ضد الجاني وهذه من القواعد العرفية التي تشجع على قبول الكفالة من اهل المروءة والنخوة لوقف النزاع والتخلي عن الكفالة سيترك الباب مشرعاً للفتنة بين الناس , حيث نرى في بعض القضايا ان الكفيل يجد من يتضامن معه من اهل المروءة وتشجيعه على قبول الكفالة لاستقرار المجتمع خاصة في القضايا التي لا تحمد عقباها .
كفيل الدفا : هو الضامن لسلامة الجاني وقومه من الاعتداء من قبل المجني عليه وقومه وتكون هذه الضمانة من بداية الكفالة وغالباً ما يتم ذلك في قضايا القتل ايا كان نوعه او التعدي على البيوت والحرمات وقضايا الوجه ويستمر في هذه الكفالة حتى ينتقل طرفي النزاع للقضاء العرفي ويحكم القاضي في القضية وتنتهي جميع الاجراءات حتى تنفيذ الحكم . 
كفيل الصف والمثني : هذه الكفالة تكون الى شخص قد استوفى حقه من غريمه وادعى عدم استلامه هذا الحق , فيقوم كفيل الوفا الضامن الاساسي بالدفع بالشهود على المُطالب والذي سبق واستوفى حقه بشرط ان يكون على المطالب الذي استوفى حقه سابقاً وادعى عدم هذا الاستيفاء يجب عليه ان يسمي كفيلاً يضمنه مشترطاً ان يدفع هذا الكفيل الحق المنكور والسابق استيفائه بلغة العرف " مثني " أي مضاعف وذلك ردعاً لمن يطالب بحقوق ليست له او حق استوفاه وتنطبق شروط كفالة الصف والمثني على الوثاقة وهي تعني رهن مال المعتدي كمجموعة من الابل او غيرها تؤخذ عنوة من المُماطل فاذا تم اثبات عكس ما يدعيه القائم بالوثاقة يكون الحكم مضاعف وله كفيل الصف والمثني ويتبين ان دور الكفيل هام جداً ويسمى الكفيل المنقى وتعني صاحب الصفات الحسنة وان التعدي في وجه كفيل الدفا يجعله امام امرين كلاهما مر : اما ان يدخل هو وقبيلته في الدفاع عن المعتدي عليه او يجبر المعتدي للتقاضي في تعديه لدى قاضي المنشد ويسمى حق قطع الوجه .
ضمانات الكفالة على الطرفين : اعطى القضاء العرفي حق الضمانات للكفلاء , فضمانات كفيل الوفا تتمثل في الزام كبار المعتدي بالتضامن بأنهم ( كفيلاً للكفيل ) في حال عدم وفائهم لكفيل الوفا وأن قرش الكفيل بقرشين وجمله بجملين ورجله برجلين وان عدم القيام بدفع الخق وتنفيذ الحكم بالكامل من قبل المدانين يصبح الكفيل ملزماً بالتنفيذ للوفاء بكفالته , اما اذا اوفى المدان فعلى الكفيل فقط متابعة هذا الوفاء حتى انتهاء القضية ويقف صاحب الحق في المجلس القضائي بعد ان يستوفي حقوقه كاملة قائلاً بصوت عالٍ راية الكفيل بيضاء ويشهد الجميع على ذلك وهذه الشهادة تكون ضمن السوابق لهذا الكفيل .أما كفيل الدفا والذي كفل عدم الاعتداء من اهل المعتدي عليه يقوم بالاشهاد على اهل المجني عليه وقومه بأن الاعتداء في وجهه أمر لا يحمد عقباه وسيكلف المعتدي التقاضي العرفي بما يسمى ( حق قطع الوجه ) والتعدي في وجه الكفيل وذلك لدى قاضي المنشد الذي يصدر حقوقاً صارمة ومشددة تضمن احترام الكفلاء وتشجيعاً لأهل المروءة والنخوة بالاستمرار في خدمة المجتمع لوقف اي نزاع وكفالة المتنازعين وضمان الحقوق .
ضمانات الكفالة للطرفين : اعطى العرف ضمانات للمتقاضيين على كفلاء الوفاء بالحق وحدد عقوبات على الكفيل الذي لا يفي بالتزماته ويسمى ( الكفيل البايق ) وتعني تخاذله وتقاعسه عن دفع الحق الذي كفله , فلصاحب الحق بعد القيام بعدة اجراءات وهي : التنبيه ثم الاشهاد على كبار كفيل الوفا بعد المدة المحددة للوفاء فمن حق صاحب الحق ان يقوم باجراء يسمى ( التسويد ) ويعني هذا الاجراء ان الكفيل ( رايته سوداء ) وفقد مصداقيته وهذه في القضاء العرفي تعتبر نقيصة في حق الكفيل وقومه فقد يستدعي الأمر قيام طرف ثالث من خلال شهامته ونخوته بالتدخل لدى صاحب الحق الذي رفع الراية السوداء متكفلاً بالوفاء بهذا الحق ويتم التراجع عن التسويد أو أن يقوم الكفيل بادخال وجهه على تسعة من القضاة كل ثلاثة من درجة يعني ثلاثة من الكبار وثلاثة ضريبية وثلاثة مناهي وذلك اجراء قد يعطل اجراء التسويد مؤقتاً الى ان يتدخل الكبار والشيوخ في محاولة عدم التسويد لأن نتائجها خطيرة , ونادراً ما يتم هذا الاجراء لأن الكفلاء لا يكفلون الا بضمانات وشهود .أما كفيل الدفا : فالضمانات عليه تكون من خلال عزوة هذا الكفيل واسمه ومركزة بين العربان فاذا تم التعدي في وجهه هو الضامن الحقيقي لحق المعتدى عليهم في هذه الحالة وحينما يتم اختيار كفيل الدفا على وجه الخصوص يقال ان هذا الكفيل ( يرد الشارد , ويدفع البارد ) فخيارات كفيل الدفا لم تكن سهلة اما ان يكون خصماً قوياً للمعتدى أو اجباره على التقاضي فلم يترك القضاء العرفي الأمور دون ضوابط . 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق