الشيخ جدوع الأعسم في وليمة للمندوب السامي خلف الله عليكم وكفانا شركم وخلصنا منكم سنة 1933م

في سنة 1933م دعا المندوب السامي  لفلسطين فخامة السر واكهوب مشايخ عربان السبع ومشايخ فلسطين لمأدبة غداء في قصره في مدينة القدس حضرها 50 شيخاً وقد كان يقصد بهذه الوليمة اظهار الود لمشايخ القبائل وان حكومته لا تتوانى عن الاهتمام بجميع السكان دون استثناء وتتلمس حاجاتهم وتذلل الصعاب والمشاكل التي يواجهونها فتم دعوتهم لهذه الوليمة الفخمة على مبدأ اطعم الفم تستح العين وهذا المثل يعرفه الناس منذ قديم الزمن ويؤمنون بحكمته , وتشهد حياة الناس واختباراتهم

على صحة مدلولاته , ولكن جاءت وليمة فخامة المندوب السامي التي اقامها لعدد كبير من مشايخ العربان فنقضت هذا المثل , وأثبتت ان الناس على خطأ فيما زعموا من صحته فخامة السر واكهوب الذي ادعى امام مشايخ عربان بئر السبع انه تأثر بحياة البداوة فأحب أن يكرم هؤلاء المشايخ وهم أهل الكرم والجود رغم سنين المحل التي ضربت بواديهم فأقام لهم في قصره في القدس وليمة عربية بدوية وقد مدت في تلك الوليمة الاسمطة على الطريقة البدوية وحوت من المناسف المثقلة بتلال من اللحم واليخاني المتخفية تحت طبقات من الدجاج المحمر , والكنافة النابلسية المحشوة بالجبن والجوز واللوز وغير ذلك من الوان الاطعمة المختلفة , فجلس مشايخ قضاء بئر السبع الترابين والتياها والجبارات والعزازمة والحناجرة وغيرهم ومشايخ مناطق فلسطين الاخرى ومعهم فخامة السر واكهوب " ارضاً " وشمروا السواعد , ثم ضربوا في اطباق الطعام ما ساعفتهم معدهم , حتى اذا اكلوا هنيئاً وشربوا مريئاً , كما يقول اساطين ادب الكليشهات تقدم الشيخ جدوع الأعسم متحدثاً بأسم قبائل بئر السبع , وخاطب حكام البلاد الذين اشتركوا في الدعوة بقوله : " خلف الله عليكم , وكفانا شركم وخلصنا منكم " فغضب المندوب السامي من قوله وبهذا اثبت الشيخ جدوع الأعسم بما فيه من ميل بدوي غريزي الى الصراحة والمجاهرة بها , على خطأ المثل القائل : (أطعم الفم تستح العين ).