وعد بلفور:
صدر وعد بلفور في اليوم الثاني من نوفمبر عام 1917م ! , تلقى البارون ليونيل دي روتشيلد بالنيابة عن اليهود , ذلك الوعد الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ,ويبيح هذه البلاد لكل يهودي متشرد على وجه الأرض ! وليس في جميع ما اشتمل عليه التاريخ بين : في مثل هذا اليوم دفتيه , وتناقلته السن الرواة , بأفضع وأظلم من هذا الوعد , وادل منه على مبلغ ما وصلت اليه السياسة البريطانية من المخاتلة والمراوغة والخداع , وعلى مقدار احترامها للحق اذا لم تؤيده القوة وتحرسه السيوف ! والغريب أن يصدر مثل هذا الوعد من ممثل بريطانيا العظمى في ذلك الوقت, وقد كان ينظر اليها الشرق عامة والعرب خاصة كالمثل الأعلى في العدل والاخلاق وشرف التقاليد ! وأغرب منه أن توافق عليه بقية الدول وأن يوافق عليه مجلس عصبة الأمم , حتى كان الجميع في هذا الأثم سواء فلا يمتاز به أحد على أحد ! إن الاجماع على الظلم لا يحمله عدلاً ولا يبرره مرور زمان , أو تجر عليه الحوادث ذيل النسيان , مادام هنالك ظالم ومظلوم , وصاحب حق مهضوم , ولا بد من فترة يعقبها إنقلاب , وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ! إن وعد بلفور وعد جائر , وسيبقى وصمة عار في تاريخ بريطانيا العظمى ونقطة سوداء تشوه سمعتها وتقاليدها حتى تمحوه بيدها وتبر للعرب بعهودها ! وسيضل يوم بلفور يوم مأتم للأمة العربية لا تنزع فيه السواد حتى تنزع فلسطين من ايدي غاصبيها ويرجع الحق الى نصابه ! وسيعلم الصهاينة , ولو بعد حين , ان الدنيا بأجمعها لو صادقت وتآمرت على جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود ولم يرض بذلك أهل فلسطين فليس من قوة على الأرض ترغمهم على قبول ذلك . أما أنتم يا أهل فلسطين ! فقد جاهدتم الجهاد الحسن وما زلتم , وأسمعتم اصواتكم عالية في كل قطر من أقطار الأرض , فلا يأخذنكم اليأس ولا يعترينكم الملل , ومائة عام أو مئتي عام لا قيمة لها في حياة الأمم . فأصمدوا فاليهود لا صبر لهم على شيء ولم يصبروا على الله ! اليهود لا طاقة لهم على الخسارة وعدم الكسب , يا أهل فلسطين اذا ذكرتم هذا اليوم فقولوا له ما بعده ! لهم كرة وسيكون لنا كرات , واذا ذكرتم وعد بلفور فلا تنسوا انه سبب اغتصاب أرضكم فلا تناموا على ضيم ولا ترضوا بالخسف , ولا يُقيم على ضيمٍ يُراد به إلَّا الأذلانِ عَيْرُ الحيِّ والوَتَدُ., وأصبروا وجاهدوا فما انقادت الآمال الا لصابر .
( الباحث اسماعيل بن عياد الترباني )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق