معاناة قضاء بئر السبع من ازمة المياه سنة 1932م :
ففي عهد الإنتداب البريطاني أصاب العطش قضاء بئر السبع سنة 1931م جراء إهمال حكومة الإنتداب وعدم صيانة كثير من الآبار التي تغذي القصبة واتساع المدينة وزيادة عدد السكان ولسنين المحل التي اصابت الزرع والضرع بعد غزو الجراد وقلة الأمطار.
فأرسل مشايخ عربان بئر السبع ابراهيم ابورقيق وحمد الصانع وجدوع الصوفي وحسين ابو ستة وابراهيم الصانع وجدوع الأعسم وعبد ربه ابو الحصين ورئيس البلدية تاج الدين شعث وعن الصنائع والحرف : اديب التركماني ومن المسيحيين بترو ترزي مختار القصبة علي جرادة عن التجار: حسن محمود العشي عضو البلدية : يوسف الشرفا مختار: هاشم شعث عن الملاكين والمزارعين : موسى داود وعيسى بسيسو ومفتي القضاء سليم بسيسو برقية للمندوب السامي نقتطف منها ما يلي : قصبة بئر السبع تتضور عطشاً وهي احق من عموم مدن فلسطين بإيجاد ابار ارتوازية , نلتمس البر بوعدكم والامر بمباشرة العمل فيها والا ليس ما يبرر جباية الضرائب من عربان بئر السبع ما دام ان الحكومة لا توفر لهم اسباب التعلم والمواصلات والصحة والأمن العام وتهملهم هذا الأهمال الشائن " والحق ان عربان بئر السبع لا يعرفون من الحكومة الا جباتهم والا بعض الجند في مخافرهم البعيدة مثل عوجا حفير والملح وعسلوج وما اليها . ولما شرعت الحكومة في عملية حفر الابار في السبع إعتقد السكان انها سابقة خير تقصد منها الى تعويض العربان عن بعض ما يدفعون من الضرائب وانالتهم ولو شيئاً يسيراً مما يتحتم على كل حكومة ان تنيله لشعب ترهقه ضرائبها وتكاليفها الكثيرة, ولكن مشايخ العربان كانوا يشكون في اعمال المتعهدين بعمليات الحفر من تكتمهم الشديد والحذر من البوح بالنتائج فهم ينزلون السبع للقيام بتجارب فيها فلا يقربون احداً من السكان ولا ولا يستشيرون احداً ولا يسمحون لأي كان ان يقرب من مكان تجاربهم او ان يستوضح منهم شيئاً عما يفعلون ؟ فبلغ بهم التكتم الى حد عدم السماح حتى لكبار الحكومة الاداريين من البحث والتحري في اعمال الحفر من عن الماء لا عن الذهب ثم هم لا يكادون يعلنون فشل الوقوع على ماء صالح في الشريعة المعروفة بملوحة مائها فحفرت في بادىء الامر بئراً في ابي سمارة ثم حفرت بئراً اخرى في ابي رقيق ولما وجدت الماء مالحاً في البئرين امرت نقل الادوات والمعدات وامتعتهم والطيران الى مستعمرة عرطوف اليهودية للقيام بتجارب جديدة فيها وقد أثار ذلك ضجة شديدة في قضاء بئر السبع فتصادم ابناء القبائل مع البوليس الذي يقوم بحراسة هؤلاء الخبراء الذين يقومون بالحفر بعد ان تبين لهم خبث نواياهم فعدم البوح بالنتائج كان الهدف منه تحديد الأراضي التي ستقام عليها مستعمرات المستوطنين في قضاء بئر السبع ومفاوضة اصحابها لبيعها وبعد أن خاب مسعاهم وانكشاف المؤامرة الخبيثة وعلى اثر ذلك تألف وفد يمثل القضاء وقابل سعادة حاكم اللواء الجنوبي وطلب منه ان تستمر الحكومة في تجاربها بحفر آبار جديدة علها تجد المياه الصالحة للشرب والري ولما كانت مسألة المياه هذه على جانب عظيم من الأهمية , سواء اكان ذلك في القدس ام غزة ام قضاء بئر السبع ام بعض مدن اللواء الشمالي فقد تعرض قضاء بئر السبع لجفاف المزروعات بسبب قلة الامطار حتى ان ان الحكومة من كثرة الشكاوي وخوفاً من الاضطرابات ابلغت مشايخ القبائل بانها تحاول ايجاد المياه الكافية للشرب والري من آبار ستقوم بحفرها في المنطقة وكان مطلب المشايخ صيانة الآبار القديمة التي قامت الحكومة بالسيطرة على البعض منها وبردم بعضها اثناء الحرب الكونية واعادة فتحها ,فقررت الحكومة اصلاح تسعة آبار واقعة في انحاء مختلفة من القضاء وقامت في سنة 1933م بفتح ثلاثة آبار واصلاحها , والرابع على وشك الأنتهاء وأسم الأول بئر الملاقي واقع قرب المغير وهو مطمور منذ سبعين سنه وقد وصلت برقية لاسلكية الى الحكومة من المتولين شأن ذلك البئر تبشرها بأن مياهه غزيرة وعذبة وقد وضعوا عليه ( طلمبتين ) ولكنهما لم تكفيا لنزح مياهه ويقع البئر الثاني في ( الصني ) وعمقه خمسة أمتار فقط ومياهه جيدة وكان البدو يأخذون منه الماء بحفر حفرات صغيرة الى جانبه تطمرها الرمال بسرعة والبئر الثالث في ( أراضي الوحيدات الترابين ) وهو قديم متهدم وقد تم اصلاحه والرابع في ( شنق ) وقد زار القائم باعمال الحكومة قضاء بئر السبع وقابل مشايخ بئر السبع بحضور القائمقام عارف العارف طلب المشايخ منه جعل الآبار التي تحتاج للصيانة أربعة وعشرين فوافق وطلب منهم بياناً مفصلاً عن مواقعها .
( اسماعيل بن عياد الترباني )
____________________________________________________
" سوف نشير للأجزاء الأخرى والمصادر في كتابنا ان شاء الله "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق