{ تمدد نفوذ قبيلة الترابين }
كانت مضارب قبيلة الترابين الحجازية في تربة شرقي مكة المكرمة وبعد الفتوحات الأسلامية الأولى حطت رحالها في سيناء شرقي بلاد الطور ومن ثم تمددوا لخارج سيناء الى جنوب فلسطين والى وادي النيل حيث كان لهم قوة كبيرة وكانوا موضع قلق في عهد المماليك مما دعى ( علي بك الكبير) الى محاربتهم ليضعف نفوذهم بمعاونة كثير من العربان ولم يفلح في اخضاعهم فأنتشر الترابين مؤقتاً وتفرقوا في التيه واتجه قسم الى جنوب فلسطين الى أن تسنح الفرصة فيعودوا من جديد الى مصر , وقد ذكر الرحالة بوركهارت من رحلة القرن التاسع عشر سبب نقمة المماليك عليهم لاصرارهم على التوسع وشن الغارات المتتابعه على القبائل الأخرى وقطع طرق التجارة والحج واعتراض القوافل التجارية المارة بين ( قفط والقصير) (1)
بزعامة الشيخ ( بن جهامة) وقد تعاونت قبيلة المعازة والمماليك في القاء القبض على أحد شيوخهم (بن جهامة) وتم تسليمه الى ( محمد علي باشا) والذي قام بأعدامه ولم يفلح في تقليص نفوذهم , وقد قوي نفوذ قبيلة الترابين رغم بطش المماليك وحصلوا على النصيب الأوفى من نقل المتاجر عبر سيناء بين السويس من جهة وغزة وحبرون (الخليل) من جهة اخرى ثم اضطروا أمام مقاومة ( محمد علي) لنفوذهم ثم بسبب اضمحلال طرق التجارة هذه الى أن يوسعوا أراضيهم في شبه جزيرة سيناء على حساب القبائل الأخرى كما اشار نعوم بك شقير في كتابه تاريخ سيناء ويختلف الترابين عن كثير من القبائل من حيث توزيعهم في سيناء لعدة أسباب اولاهما: انهم غير منحصرين في منطقة واحده وانما تتعدد مناطق سكناهم في شبه جزيرة سيناء بحكم تطور اتصالهم بها . وأنتقال مساكنهم في الفترات المختلفة فيها فكانوا يتركون في انتقالهم فروعاً قوية تؤثر أن تسكن الجهات التي وصلت اليها اثناء التوسع فحين نزل الترابين شرقي بلاد الطور اولاً تركوا وراءهم بعد تحركهم من يمثلهم ولهم وجود هناك حتى الآن وحين عملت القبيلة في النقل عبر سيناء بين السويس وبلاد الشام تركت وراءها من يمثلها هناك فذلك هو الفرق الأول عن القبائل الأخرى أما الفرق الثاني فهو ان قبيلة الترابين تمثل تمثيلاً تاماً بين القبائل البدوية في وادي النيل على حين اننا نرى بعض القبائل لا يكاد يكون لهم وجود هناك ولعل ذلك راجع الى ان الترابين كانت لهم بمصر علاقات أشد من علاقات بعض القبائل فهم في حروبهم مع بعض القبائل لجأوا الى وادي النيل ورأوا خيراته ما يغري قبائل كثيرة بأن تنزل فيه وتستمر في سكناه ثم استقرت بطون من قبيلة الترابين واشتغلت بالزراعة وحسب الأحصاءات في كتاب وصف مصر والذي اعده مهندسي الحملة الفرنسية 1798م نجد حوالي ثلاثة الآف منهم يسكنون زمام البساتين وحلوان والمعصرة وعدد آخر يزيد على ذلك يسكن في مديرية الجيزة وعدد آخر يسكن في بعض المحافظات والترابين يمثلون اكثر من ذلك خارج حدود سيناء حول بئر السبع وجنوب فلسطين حيث يوجد العدد الأكبر منهم وهم أكثر سكان المنطقة عدداً وأغناهم أرضاً , حيث تسمح الظروف الطبيعية بأن يسكن حول بئر السبع وحدها اكثر من ستة عشر الفاً منهم وقد أعتمد في ذلك الأحصاءات المحفوظة بسجلات وزارة الحربية المصرية في مصر سنة 1929م ومساكن الترابين الرئيسية في سيناء تنحصر بين مناطق التياها في الجنوب واراضي السواركة في الشمال والمنطقتان الأخريان قرب راسي خليج العقبة والسويس لا يمكن ان تقاس بأهمية المنطقة الشمالية وفيما يلي توزيع اراضي الترابين في تلك المناطق الثلاث: نذكرها في دراسة قبائل سيناء الوسطى ولو ان جزء بسيطاً منها يخرج في توزيعه عن حدود هضبة التيه.
1. ترابين الشمال : ينزلون أرض الدمث محيطين ببلاد التياها من الشمال وتمتد منازلهم من شمال جبل المغارة الى الشمال الشرقي حتى تصل غزة فتشمل بذلك الجفجافة وجبل المغارة والمقضبة والروافع والعمر وكلها مراكز شهيرة بالآبار, كذلك يتداخل الترابين مع السواركة في أرض الجورة الى شرق العريش وهي اراض يعتبرها الأهالي أخصب بلاد العريش وأجودها تربة ويزرع بها القمح والشعير ويضاف الى ذلك منطقة البرث الواقعه في الجنوب الشرقي للجورة وهي سهول مكشوفة من الرمل ممتدة الى وادي الأبيض تصلح لرعي الأبل اذ تكسوها الأعشاب .
(1) طريق تربط صعيد مصر بالبحر الأحمر وكانت ممراً لطريق القوافل وكانت مركز لتجمع الحجيج مصر والمغرب العربي والأندلس.
المصادر: سيناء المدخل الشرقي لمصر , بوركهارت , نعوم بك شقير , عارف العارف
كتاب وصف مصر , كتاب ابناء اسماعيل لموري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق