[قمح فلسطين أنقذ جنوب فرنسا من المجاعه]
افتراءات التلمودي جوزيف بريستلي على فلسطين وأهلها تدحضها شهادات ومدونات المؤرخين والرحالين والساسة الأوروبيين الذين كتبوا عن أهمية فلسطين الاقتصادية والعمرانية، ودورها في تزويد بعض بلدان أوروبا والشرق بالسلع والمواد الخام ومجالات الاستثمار، كالقطن والقمح والشعير وزيت الزيتون والسكر والسمسم والحمضيات. وندرج هنا مقتطفات مما ذكروه في خطاباتهم ومؤلفاتهم منذ مطلع القرن السادس عشر. ونبدأ بوصف الراهب الفرنسي (فرانشسكو سوريانو)، الذي أقام فترة طويلة في الأرض المقدسة، وتحدث عن تنوع ثرواتها ووفرة إنتاجها؛ (ففضلاً عن قصب السكر والحمضيات والتفاح، فإنهم يمتلكون عدداً لا يحصى من الشجيرات التي تنتج القطن، وهي شجيرات تتجدد بواسطة البذور مره كل عامين. ولديهم شجيرات أخرى يستخرجون منها زيتاً يدعى السيرج وهو أفضل من زيت الزيتون عندما يطبخ حتى أفضل من السمنة.إنهم ينتجون كميات ضخمة من هذا الزيت تكفي لتمويل كل سوريا ومصر). وقام القمح الفلسطيني بدورٍ بارزٍ في التبادل التجاري مع بلدان أوروبا الغربية. هذا ما يقوله المؤرخ الاقتصادي لمدينة مرسيليا (بول ماسون): إن شحنات القمح المحصول عليها من الشرق، ومن عكا بنوع خاص، ساعدت على إنقاذ جنوب فرنسا من المجاعة، في مناسبات كثيرة العدد خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. وينقل المؤرخ (ماسون) أقوال الرحالة الفرنسي (فرمانيل) الذي شهد عام (1630) ما مجموعة (32) سفينة، في مرفأ عكا تنتظر كلها في الوقت نفسه تحميل القمح. وحينها كان القمح الفلسطيني على جانب من الأهمية بالنسبة للتجارة والصناعة الإيطالية، وقد حظيت نوعيته الصلبة بكثير من التقدير من جانب صناعة المعكرونة. ويُذكر أن الطلب الإيطالي على القمح الفلسطيني الصلب بقي مرتفعاً خلال القرن التاسع عشر، على الرغم من أن سعر السوق هو الأدنى للقمح الروسي المُصدّر من مرفأ روسيا الجنوبي ( أوديسا) الواقع على البحر الأسود. وجرى ما بين القرنين (السادس عشر- والثامن عشر) تصدير كميات كبيرة من القطن من مختلف موانئ المشرق العربي على يد التجار الأوروبيين المقيمين في المنطقة والمتمتعين بحماية الامتيازات الأجنبية التي منحها السلطان العثماني سليمان القانوني منذُ عام (1553) لرعايا فرنسا ولاحقاً شملت رعايا الدول الأوروبية الأخرى .وقد قام مرفأ عكا بدور بارز في هذه التجارة وظل القطن الفلسطيني ذا أهمية خلال القرن السابع عشر ومعظم القرن الثامن عشر، لكنه اشتد وارتفع كثيراً في العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر، وأصبح في الواقع عاملاً رئيسيا في تطور الثورة الصناعية الأوروبية.
المصدر: المؤرخ ناظم مجيد حمود والصوره حصاد القمح في بئر السبع / عارف العارف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق