اكذوبة أنتساب الترابين لقبيلة بني عطية الكريمة - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الثلاثاء، 15 يناير 2019

اكذوبة أنتساب الترابين لقبيلة بني عطية الكريمة


                                             
                                           اكذوبة أنتساب الترابين لقبيلة بني عطية الكريمة :

عند الباحثين والمحققين الثقات روايات التاريخ يجب أن تغربل , فيتلف الضعيف , ويحتفظ بالنضيف الذي لا تشوبه شائبة , وهذا الأمر لا يستغني عنه طالب النسب , وبه يعرف النسابة من النصابة , والمُؤَرِّخ من المُوَسِّخ , والناسخ من الماسخ  , وهو علم مستقل بذاته كفن , ومرتبط بأغلب العلوم الأخرى , و لكنه بعلم الأنساب أربط و أوثق ؛ إذ مالكه يميز الحقيق من اللصيق و الدخيل من النبيل ،  " إنه علم التحقيق " أهمية التحقيق : لا أقول تحقيق مَنْ ابْنُ مَنْ ؟ أو تحقيق عدد أبناء هذا أو ذاك ؟ أو تحقيق دار هجرته ؟ أو تحقيق سنة وفاته أو ولادته ؟ أو تحقيق اسمه أو لقبه ؟ لا ليس هذا فحسب بل التحقيق أشمل من ذلك كله . فالتحقيق يشمل جميع جوانب هذا الفن : من ألفه حتى يائه , وحتى تكون الصورة مقربة إلى ذهن القارئ أمثل بمثال بسيط . إذا أردنا أن نحقق ما ورد في كتاب الدرر الفرائد للجزيري عن نسب قبيلة الترابين ,  فيجب علينا أن يكون لدينا اطلاع على ما جاء في المجلدين من أقوال لنكون منصفين حين ننهل اي معلومة فنرجح فيها إلى الأسلم وليس اخذ النص على عواهنه , وترك ما يعارضه من نصوص . و من هنا ندرك أهمية المحقق البصير الذي غالبا ما يجد أمامه عديداً من النصوص فمنها ما يحتمل  التأويل لأكثر من معنى , ومنها من لا يحتمل أي تأويل لوضوحه وضوح الشمس في رابعة النهار وقد شبه العلماء هذا الخبير بما قالت البدو وصفاً : " إن يعاقيب الحجل إذا أدركها الصّياد انقلبت على ظهورها والتقطت بأرجلها الحجار, وكشفت بطونها للجو فتلتبس عليه , بما حوله من الحجار والتراب , ولا تهتدي إليها عين أمهر المجربين إلا بعد التفتيش الطويل . فقمنا بتحقيق ما ورد في كتاب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر الجزيري " ت 977 هــ " الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة في الجزئين الأول والثاني , وما قاله عن الترابين وغيرهم من القبائل العربية المتواجدة على طريق الحاج , ومقارنة ما جاء في الطبعات المنشورة تحقيق محمد حسن محمد حسن اسماعيل , ومقارنته بالمخطوط المنسوخ في القرن الحادي عشر والمحفوظ في مكتبات ومراكز المخطوطات في الجامعات العربية وألأجنبية وعددها ما يقارب أربعة نسخ مصورة مكروفلم عن أصل المخطوط الأصلي جميعها في حوزتنا الآن وحين المقارنة والتدقيق وجد اختلاف فظيع وتشويه للحقائق ما بين المخطوط الأصلي وما بين التحقيق المنسوخ والمتداول على مواقع الانترنت بصيغة bdf . أنتبه أخي رعاك الله فقد ذكر المحقق محمد حسن محمد حسن اسماعيل في الباب الخامس حين ذكر المنازل والمناهل " ج1 ص114" ما نصه : " وينقسم درك النقب المذكورعلى أربعة أقسام لأربع بدّنّات من بني عطيّة فيكون أرباعاً : الربع الأول : لمشايخ الوحيدات , يقبض ذلك الشيخ عمر بن شاهين بن حسين وعبد الله أخوه ومن تبعه , وعمر المذكور في زماننا عين هذه الطائفة , وهو الذي يقبض جميع المبلغ من العائد بيده , ويفرقه لأربابه , وتارة لا يرضى بقية الشركاء بقسمته من يده لأنه يتنفّل عليهم بقسم خامس له من المئتي دينار , فيكون له خمسان وللباقين ثلاثة أخماس , وحضرته في عام من الأعوام قسمها على هذا الشرح , فلم يعجب بقية أهل الدرك ذلك , ولم يذّعنوا له فيها . ومن الوحيدات حسن بن ندال وأولاده , وأولاد الفقير عيد وعميرة ومن معهم , وجماعات كثيرة , وحصة هذه الطائفة على طريق الاعتدال الربع , فيكون خمسين ديناراً , وعلى ما ادّعاه عمر بن شاهين خمسان من المئتي دينار , وقد قدمنا ذكر ذلك قريباً . والقسم الثاني : لطائفة المساعيد من بني عطيّة , ومن أكابرهم عتيق بن مسعود بن دغيم , وعليان بن مشور , وعمران بن حويران " من الحوارنة ". والقسم الثالث : لطائفة الرّتيمات من بني عطيّة , منهم محمود بن رافع وغنام ورفقتهم.  والقسم الرابع : لطائفة الترابين من بني عطيّة أيضاً , منهم سلمان العديسي , ومحمد بن عجرمة الأسود وأولاده , وونيس ورفقتهم , لا يتميز قسم عن قسم في المبلغ إلا ما ادّعاه عمر بن شاهين استطالة عليهم أ. هـ ."
وقد جاء في المخطوط الأصلي  في النسخ الأربعة التي في حوزتنا والمحفوظ في خزانة المخطوطات العربية والأجنبية ما نصه : " ينقسم الدّرك على أربعة أقسام : الربع الأول : منهم عربان الوحيدات من شيوخهم عمر بن شاهين بن حسين بن بجيعة بن هرماس بن مسعود , وفي زماننا عين هذه الطائفة وقبض جميع ما يحضره أمير العايد من مبلغ الدرك ويفرقه على اربابه ومن الوحيدات حسن بن بذال وأولاد الفقير عيد وعميرة وجماعات كثيرة وحصة هذا الربع من مجموع المبلغ من الفضة خمسماية نصف والربع الثاني : لعربان المساعيد من شيوخهم عتيق بن مسعود بن دغيم وعليان بن مشور وعمران بن عميران من الحوارنة . والقسم الثالث : لعربان الرتيمات منهم محمود بن رابغ وغنام ورفقتهم . والقسم الرابع : لعربان الترابين منهم سلمان العديسي ومحمد بن عجرمة الأسود وونيس ورفقتهم . وحصة كل طايفة خمسماية نصف ., قلت : ما بين ما حققه المحقق محمد حسن محمد حسن اسماعيل وما جاء في المخطوط الأصلي هناك أخطاء لا تغتفر فالمحقق جعل الوحيدات , والمساعيد , والرتيمات والترابين ينتمون لبني عطيّة نسباً ولم يقل إنهم من القبائل التي كانت متواجدة في الدرك القديم المسمى " درك بني عطية " لتقاسم المنافع من طريق الحاج والجزيري براء من هذا القول  المغلوط الذي أضافه المحقق محمد حسن من كيسه ؟.  فمن المعلوم أنّ علم تحقيق المخطوطات والنصوص إنما يهدف إلى تقديم نص صحيح مطابق لما كتبه مؤلفه ما استطاع إلى ذلك سبيلا . ولا يجوز بأي حال من الأحوال تشويه محتوى المخطوط الذي نسخه المؤلف بخط يده فحين المقارنة بين الأصل وما ورد في النسخة المفرغة من المخطوط من قبل المحقق الذي قام بتحقيق المخطوط وعدم ذكر الاضافات التي قام بها في الهوامش والإشارة للمصدر الذي نهل منه فهذا في عرف المحققين خلل جلل.  وما قام به من تشويه للحقائق حين أتى على عربان الأدراك وتشويه انسابها. وتلقف تلك الأخطاء الكثيرين ممن لا يفرقون بين البيض والحيض ففي هذه الحالة لا فائدة ترجى من التحقيق المشوه الذي لم يراعي الحقائق المرجوة من التحقيق لأي نسخة منتسخة عنها لأنها ستُرد في خطئها إلى المحقق الذي قام بتلك الأفعال ويستعاض عنها بالرجوع لأصل المخطوط بعد أنّ ثبت أنّ جميع نسخ المؤلف صاحب المخطوط , والموجود والمحفوظ في عدة مراكز للمخطوطات في جامعات مرموقة عربية وأوروبية وجميع تلك النسخ المنسوخة عن الأصل  تقرأ على قراءة واحدة . ولا يجوز للمحقق أي اضافة مهما كانت على محتويات المخطوط دون الإشارة لذلك في الهوامش . وما قام به المحقق هو بلا شك أمر وبيل مرتعه , وفظيع في نتائجه , وتقويل صاحب المخطوط ما لم يقله صراحة .فالقاعدة العلمية تقول أن علمي التاريخ , والأنساب استمدادهما من النقل , ولا مجال للرأي فيهما إلا بالفهم و الاستنباط " و أحمده سبحانه أن فتح لنا أبوابا لم تكن تفتح إلا بفضله و كرمه ، فله الشكر كثيراً , وله الحمد عظيماً وفيراً . ومن مدد الله علي أن مَنَّ علي بمجموعة من المخطوطات , والمراجع القديمة في الأنساب , والرحلات و التراجم و اللغة تشمل كثير من الحقب الزمنية الغابرة , والتواريخ المختلفة زودني بها زملاء أفاضل لتعينني في عملي هذا . وعود على بدء نقول للمتسرعين مما يأخذون النصوص على عواهنها دون تحقيق وغربلة. ولا يغرنّك أيها اللبيب شقائق  بعض الحسدة الذين لاكوا ألسنتهم بكليمات من العلم , فمثل أولئك ما هم إلا عصائب السوء وأحدهم كحمار الرحى غايته مبتدؤه .وهنا آن أوان الشروع برد الإدعاء الباطل في نسب الترابين لبني عطيّة كما روج له بعض ممن يمتهنون طمس الحقائق الواضحة لغاية في أنفسهم . ولله در القائل : " وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل . "  واليكم الحُجَّةَ والدَّليلَ لنُثبت بطلان ما يروجون ، ذكرالجزيري في كتابه الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة في المخطوط الأصلي وما غفل عنه المحقق محمد حسن وأضافه في تحقيقه فقد بيّن الجزيري وبصريح العبارة في " الباب الثاني في أمارة الحج ج1 ص , 209 " أنساب القبائل التي جاء على ذكرها في الأدراك  بقوله : " عادة أمير الركب الحجازي أن يكون لخيامه من الأبهة والحرمة لأنه سائر بالوفد مار على عربان مختلفة الأجناس كالعقبي , والبلوي , والعطوي , والحويطي وغيرهم." فهذا النص واضح  لكل ذي لب وضوح الشمس في رابعة النهار , أنظر رعاك الله في قول الجزيري الدسم ومقصده في عبارة العربان " مختلفوا الأجناس " فهي لغتاً : بمعنى إنهم من أصول مختلفة , وهذا ينسحب على كل القبائل التي أتى على ذكرها الجزيري بكلمة وغيرهم في كتابه فهي شاملة لكل القبائل الأخرى التي لم يرد ذكرها في النص أعلاه , ونقول : لهؤلاء المدلسين كما قال الإمام الجرجاني في كتابه دلائل الإعجاز : " إذا تعاطى الشيء غير أهله وتولى الأمر غير البصير به , أعضل الداء واشتد البلاء ." , فخلط الحق بالباطل هدف المبطلين وخلط الحق بالباطل هدفاً لدعاة الباطل . ولله در القائل :العلمُ في الرجلٍ فضيلةٌ ...  ونقيصةٌ في الأحمقٍ المطياش
مثّل النهارٍ يزيدُ أبصارٍ الورى نُوراً ويعشي أعين الخفاش
وقد أوضح المستشرق الألماني ماكس فون أوبنهايم (Max von Oppenheim) في كتابه البدو : "  هناك مصدر من القرن السادس عشر  وإشارته هذه  لكتاب " الدرر الفرائد للجزيري " يوصفون بأنهم بنو " عطية " , وإذا ما كانت هذه المعلومة صحيحة يجب البحث عن أقدم مقر للترابين جنوب غرب العقبة حيث يوجد ضريح الشيخ عطية الذي يزوره الترابين الموجودون هناك , وليس لدينا إثبات على أن هذا الشيخ هو الجد لقبيلة بني عطية " المعازة " . وإن وطن الترابين هو " تُربة " الواقعة على مسافة قريبة من الطائف في داخل شبه الجزيرة العربية وذكر قول شاعر الجبارات أثناء حروبهم مع الترابين " ترباني جيت من التُربة لولا أبو سرحان ما صحّت لك بلاد غزة " وأشار للهجرات في مطلع العصر الإسلامي فقال : " جاءت إلى هنا ويقصد بها الديار المصرية , والفلسطينية قبيلة طي في مطلع العصر الإسلامي ثم الوحيدات , والحويطات , ولم يتبقى من الهجرات الإسلامية الأولى سوى بعض البقايا القليلة ومنها : الجراوين من جذام في مجمعي الترابين , والتياها , ومن هجرات طي المتأخرة قبيلتا الجرامنة , والعبيدية .  وفي القسم الخاص بالحجاز اتى على ذكر بني عطية " المعازة " بقوله : " هناك تقرير من عام 955هـ / 1548م وعود على بدء وما قاله عن الإشارة لما جاء في كتاب " الدرر الفرائد للجزيري قال أوبنهايم :  " يذكر معلومات هامة عن تركيب بني عطية . حسب هذا التقرير كان ينتمي لمجمعهم آنذاك : الترابين , والوحيدات , والحويطات , والأحيوات . ولكن لا يجوز أن نستنتج من ذلك أن هذه القبائل تنتمي من ناحية النسب إلى بني عطية . ذلك أن حكايات الترابين عن نسبهم تثبت العكس , كما أن حكايات الوحيدات , والحويطات تشير إلى أن زعمائهم على الأقل هم من أصل غريب , وهذا الوضع هو الذي جعلهم ينفصلون في وقت مبكر عن بني عطية ويشكلون مجمعات مستقلة . وبينما هاجر الوحيدات من مقرهم القديم قرب العقبة إلى الشمال , فقد انتشر الحويطات شيئاً فشيئاً في تلك المنطقة . قلت : يستفاد من تلك النصوص الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار أنّ الترابين لا علاقة نسب تربطهم بقبيلة بني عطية الكريمة  بتاتاً , ولا علاقة للترابين بجذام القحطانية لا من قريب أو من بعيد , ولا تقر أي عشيرة من عشائر الترابين أو احلافها بأن أصولها تعود لبني عطية . وما كان يربط الترابين , والحويطات , والوحيدات , والأحيوات كان " درك " جمعهم من أجل المنافع الاقتصادية البحتة ومسماه حسب خرائط وأماكن , وسجلات حكومات ذاك الزمان " درك بني عطية " , تصرف له مخصصات " صرة " للقبائل مقابل حماية درب الحاج , فالدَّرك لا يستقر لقبيلة , ويتحول لقبيلة أخرى حسب تمدد قوة القبيلة , أو تَّقلُص العُدة والعدد ، فقد يأتي في المصادر أن الدَّرك الفلاني من أدراك القبيلة الفلانية , وبعد مُدَّة من الزمن يُصبح ذاك الدرك من أدراك قبيلة أخرى ، وهذا كله في مناخ " العلو والنزول " عند القبائل العربية. وقد أوضح أيضاً المؤرخ المصري محمد الطيب ما جاء في الدرر الفرائد في موسوعة القبائل العربية بقوله : " الجزيري هذا رحّالة في طريق الحج وليس نسّابة متخصصاً في علم النسب ,  وقد شارك في عدة رحلات للحج أبان القرن العاشر الهجري , ودون في مخطوطه معلومات تاريخية وجغرافية ومعلوماته فيها تضارب , وتناقض وهي مصادر غير ذي ثقة وقد أهمل معظم الباحثين في هذا القرن ذلك المخطوط , واستبعدوه نهائياً كمصدر ثقة في علم النسب في القبائل والعشائر التي تطرق إليها في مخطوطه , ومن جانبي كباحث في هذا الميدان أرفض ما ورد في هذا المخطوط كحجة نسب قاطعة . "  ومن الذين استبعدوا كتاب الدرر الفرائد للجزيري المؤرخ الشيخ حمد الجاسر في كتابه :  " المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية شمال المملكة امارة حايل والجوف وتبوك وعرعر والقريات القسم الأول ص12" حين دون نسب قبيلة بني عطية الكريمة بقوله : قبيلة بني عطية تمت بصلة النسب لقبيلة " عذره " والمعلوم عند جميع النسابة ان قبيلة عذرة من قبائل قضاعة وهو بهذا النص لم يلتزم بما جاء ذكره في كتاب الجزيري الدرر الفرائد ونرد تلك الفرية لمن ادعى كذباً وزوراً بأن الشيخ حمد الجاسر عالم الأنساب المعاصر رحمه الله يأخذ بنصوص الجزيري كـ نصوص نسب , ولو كان هذا الادعاء صحيحاً لالتزم الجاسر بما ذكره الجزيري أنّ بني عطية من بني عقبة . قلت : ومن الملاحظات المهمة : أنّ الجزيري لم يذكر نسب بني عقبة فلو كان عالم نسب لكان أشار إلى نسبهم .  وانتقد ما ورد في كتاب الجزيري من معلومات عن القبائل أيضاً المؤرخ والنسابة المشهور الاديب السعودي عاتق بن غيث بن زوير بن زائر البلادي الحربي رحمه الله عندما ذكر المحقق محمد حسن في تحقيقة المتداول أنّ الجزيري قد ذكر في كتابه الدرر الفرائد " إن الجعافرة من عنزة من بلى " فقال : " ان علم النسب في القبائل المتخالطة في السكن والجوار او المتحالفة لا يعرف نسبها مضبوطاً سوى ابن البيئة المقيم لا الرحالة المتنقل أو العابر ." قلت : وهذه الأدلة تبين ضعف الدرر الفرائد  للمحقق محمد حسن لعدم اختصاصه ويثبت انه ليس له دراية بهذا العلم ومن يعتمده في انساب القبائل فهو المفلس . في بعض مؤلفات الفرغ من العلم تجد أوهام كثيرة لا يهتدي الباحث إليها إلا بعد أنّ ينعم النظر , ويحقق , ويغربل في مصادرها فقول البعض الجزيري ما لم يقله صراحة , فأخرجنا للعلن كل مستور خاله البعض لن يظهر . قال الحافظ الذهبي رحمه الله : " المدلس ما رواه الرجل عن آخر ولم يسمعه منه , أو لم يدركه , وكتمان عيب في شيء ما حتى لا يعلمه المستفيد من هذا الشيء ." ولعمري حسن جداً أن يدقق الباحث والمؤرخ في كل معلومة يطلع عليها أو يسمعها , وأنّ لا يقبلها مهما بلغت شهرة قائلها إلا بعد تمحيص وغربلة تطمئن به نفسه , وتحقيق يصل به إلى بر اليقين ومن السيئ جداً أنّ يأتي باحث ويتلقف أي معلومة يجدها دون تحقيق فربما يجمع في حبله من رديء وجيد ويصبح " حاطب ليل "  قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : أخبرنا مطرف بن عبد الله قال رجل للإمام مالك رحمه الله  : قد سمعت مائة ألف حديث , فقال مالك : مائة ألف حديث ! أنت حاطب ليل تجمع القشعة فقال : ما القشعة ؟ قال : الحطب يجمعه الإنسان بالليل فربما أخذ معه أفعى فتنهشه . وهذا الحال ينطبق على بعض من المؤلفين الذين دأبوا على الإكثار من الإشارات لمؤرخين أشاروا لنص الجزيري في نسب الترابين الذي قمنا برده ونسفه , وبطلانه كقولهم قال الشيخ حمد الجاسر , وقال فلان , وعلان وبيان زيد وعبيد وجميعهم نهلوا من معين واحد ألا وهو كتاب " الدرر الفرائد " ونجزم أنّ هؤلاء ومنهم الشيخ حمد الجاسر رحمه الله  لو تنبه لما أورده  محقق الدرر الفرائد في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة " ج1 ص 209 "  حين اشار لنسب الترابين في المراسلة الشهيرة مع الشيخ جمعان بن عيد بن جرمي لتراجع , ودار مع الحق حيث دار . فحمد الجاسر رحمه الله لم يعتمد كتاب الجزيري حين كتب عن قبائل الجزيرة العربية , فقد ذكر في كتابه المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية شمالي المملكة امارة حايل , والجوف , وتبوك , وعرعر,  والقريات القسم الأول : " أنّ قبائل بني عقبة وبني عطيّة تمت بصلة النسب لقبيلة "عذره" من قبائل قضاعة ومن المعلوم عند جميع النسابة أنّ قبيلة " عذره " من قبائل قضاعة أي أن الجاسر من خلال نصه هذا اعتبر هذه القبائل منفصلة عن بعضها البعض وأنها تمت بنسبها لقبيلة "عذره " القضاعية , وهو بهذا النص لم يلتزم بقول الجزيري . بل ضرب بأقواله عرض الحائط . فكثير من المؤلفين يقعون في أخطاء من سبقوهم من العلماء فيقعون في نفس الخطأ , وذلك لشهرة قائله , أو لعدم الإطلاع على ما يعارضه من وقائع ونصوص مما يؤدي في حصول اللبس والخلط في أنساب القبائل العربية.  والبعض يتبع  الهوى , وقد ذم الله تعالى اتباع الهوى في القرآن الكريم , وجاء التحذير منه في أكثر من موضع قال تعالى : { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ }  فقد امتهن البعض في هذا العصر التدليس والتلبيس والكذب حين  يروجون لكتاب الدرر الفرائد كـ " كتاب أنساب " وهذا تزوير فاضح  ففي اللغة التزوير جاء من مصدّر زور ومعناه التمويه والتلبيس , ومع ذلك زور بمعنى كذب , وزوّر الشهادة ابطلها , وزوّر الكتاب افسده بإدخال التعريق عليه . والتزوير اصطلاحاً هو تدرج طالب لأمر يبغيه , على اسلوب يوهم انه محق به . وليس المراد بذلك أن المزور على حق فيما يدعي بل أن يدار الحق معه , والحق في نظر المزور هو ما وافقه فحينما كانت له مصلحة فهناك يرى الحق , فالتزوير اذن انما هو تغاير بين ظاهر وباطن في أمر للخروج بالحقيقة فيه من وجهها الشرعي الى وجه غير شرعي . وما التزوير إلا افساد الصالح وتضليل العقل , وعلى الجملة فهو وسيلة لاغتصاب الحق واهتضامه ., وهناك صنف آخر من المزورين لديهم البراعة في لي عنق النصوص بحيث يتجزؤون ما يدعم رأيهم. وبهذا من أعتمد على نص الجزيري فأصل إعتماده باطل وما كان على باطل سقط ما استدل به فالمشتغلين بالأنساب قد يصدر منهم تأييد على نص على الظاهر , ولكن بمجرد أن يكون التحقيق في ذلك ستسقط الحجية ويتبين عدم صحتها فلو ضربنا مثلاً ما أورده ابن حزم عن نسب قبيلة حرب , وجعلها في بني هلال , وهذا خطأ ومن يستند على رأي ابن حزم مخطيء , واليوم نسابة حرب يؤكدون بطلان ظن ابن حزم بالأدلة والبراهين القاطعة يعززه موروثهم , لذا نص الجزيري الذي يحرفه البعض لجعله اصلاً في جذام , يرفضه الموروث فهذا نص غير معتبر , والنص المعتبر هو من سلم من حيث التلقي والإقرار , والجزيري رحمه الله أوضح مقصده وقوله الدسم في أنساب القبائل العربية : " في الباب الثاني في امارة الحج ج1ص, 209 "  بعبارة : " عربان مختلفة الأجناس " وهذا النص من داخل كتابه الدرر الفرائد . فلو أدرك الترابين في زمنهم ما ذكره الجزيري في قسم الأدراك وهو الذي لم يكن متقصداً في عبارته لبينوا له ذلك ولكن هكذا مشيئة الله في الأمور لتظهر الصورة جلية عندما سأل أوبنهايم الترابين بعد قرون من قول الجزيري , وتم توضيح الأمر , وها نحن قد وضحنا , وكشفنا التدليس والتلبيس من داخل الكتاب .

______________________________________________________

المراجع : الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة , ج2 ص 113و114 , ج1 ص 209تحقيق محمد حسن ومقارنة المخطوط الأصلي والمحفوظ في مراكز المخطوطات في الجامعات العربية والأجنبية  .
ماكس فون أوبنهايم (Max von Oppenheim) البدو ج2:  ص  , 148 , 154 , 32 , 485 , 486 .
            حمد الجاسر :المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية شمالي المملكة امارة حايل والجوف وتبوك وعرعر والقريات القسم الأول (ص12) الباحث : اسماعيل بن عياد الترباني 



           



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق