ترابين فلسطين وسيناء تاريخاً وحاضراً الجزء الأول - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الثلاثاء، 2 مايو 2017

ترابين فلسطين وسيناء تاريخاً وحاضراً الجزء الأول

قال المفكر السياسي الدكتور عصام عبد الشافي في دراسة بعنوان :
 [ العبثية السياسية في إدارة قضية بدو سيناء ] 
أما الترابين وهم جماعة هامة تاريخياً وحاضراً فهم في جنوب سيناء [ نويبع ] لكنهم موجودون في الشمال خاصة ضمن منطقة تمتد جغرافياً لتبلغ اسرائيل والضفة الغربية . قلت أنا اسماعيل بن عياد الترباني  : حسب الوثائق والمخطوطات والمراجع التاريخية فإن قبيلة الترابين القرشية حطت رحالها في هجرتها من الحجاز الى شبه جزيرة سيناء اثناء الفتوحات الإسلامية الأولى ولها عادات وتقاليد وتاريخ يمتد من فلسطين إلى شبه جزيرة سيناء , ويصعب على أفرادها الإنقياد لأي جهة كانت , كما إن انتمائهم يكون  للقبيلة وللعشيرة ونادراً ما يكون للعصبية غير ذلك ,وكان لهم مقاماً حربياً عظيماً بين سائر القبائل , فالجميع يحاذرون صولاتهم لأنهم يحرصون على استقلالهم حرصاً شديداً , ويذودون عنه بكل قواهم , يتميزون بقوة الملاحظة وحفظ الطبيعة التي تحيط بهم ,ذكرهم المستشرق الألماني البارون اوبنهايم فقال : الترابين هم أقوى تجمع قبلي على الحدود الفلسطينية المصرية , وقال عنهم نعوم بك شقير في كتابه تاريخ سيناء (ص117) : اشتهر الترابين بالألفة والأتحاد وأشتهرت بدنة النبعات منهم بجودة الرأي وبدنة الغوالي ( النجمات ) بالشجاعة والاقدام فهم يقتحمون غمرات الوغى بعزم صادق على نية النصر أو الموت . وقد جاء ذكرهم في الوثائق الفرنسية اثناء حملة نابليون بونابرت على مصر 1798م , فقد قام الفرنسيون في سيناء بالاستيلاء على  جمال قبيلة الترابين من اجل حمل المؤن والمدافع لغزو فلسطين واثناء رجوعهم هاجم الترابين الجنود الفرنسيين بالقرب من غزة واغتنموا كثير الخيل ومن السلاح والمدفعية واسترداد ماتم نهبة من جمال ,وقد ذكرت المصادر القديمة : أ- ترابين منطقة خليج العقبة : هؤلاء هم أقدم ترابين سيناء كلهم , فقد ذكرهم الجزيري في القرن السادس عشر كقبيلة حجازية قائمة بذاتها ولها كيانها المستقل , ذات شوكة ونفوذ في شبه جزيرة سيناء رغم وجود العدد الضخم من القبائل العربية في ذلك الوقت , وقد كان لها ربع الغفارة في درب الحاج , فقد ذكر الجزيري في كتابه الدرر الفرائد:[ " ص114 ج2 " ان للترابين ربع خفارة درك عقبة ايله " درك النقب " وذكر من مشايخهم سلمان العديسي ومحمد عجرمة الأسود وأولاده وونيس ورفقهم وذكر في  " ص 117 ج2 " حين عرف بهم الترابين : بألف ولام للتعريف وتاء مفتوحة مثناة وراء مهملة كذلك بعدها موحدة مكسورة وياء تحتية ساكنة ونون أخر الحرف , يختصون بثمد الحصى والفيحاء ووادي العراقيب وآبار العلائي نزولاً وطرقاً وليس لهم مقرر أصالة إلا الربع من خفارة عقبة أيلة كما قدمنا ذكره ] . وكان للقبيلة " غفرة " تدفع سنوياً  كأجرة لحراسة دير سانت كاترين , قلت : في ذلك الوقت كانت قبيلة لها شيوخها وكيان مستقل بذاته , وحسب تقديرالعلماء والمؤرخين  يحتاج الأفراد والجماعات لمسمى قبيلة الى ما يقارب الثلاثمائة عام لتصبح قبيلة ذات كيان مستقل فنرجح ان وجودهم في المنطقة كان اواخر القرن الثاني عشر تقريباً  وربما اقدم من ذلك حيث اشار لوجودهم في مكة النسابة ضامن بن شدقم  في كتابه تحفة الأزهار وزلال الأنهار في القرن الحادي عشر قبل الهجرة لمصر , فذكر الترابين بألف ولام للتعريف وتاء مفتوحة مثناة وراء مهملة كذلك بعدها موحدة مكسورة وياء تحتية ساكنة ونون أخر الحرف ,  فكان أول نزول للترابين في شبه جزيرة سيناء كان الى شرقي بلاد الطور,  ( جبل طور سيناء ) وقد عملوا في حراسة دير سانت كاترين , وفي نقل الحجاج  بالحفاظ على ارواح المسافرين من الحجاج النصارى وايصالهم الى جهتهم دون اعتراض والسماح لقوافل الدير بالمرور من مناطق نفوذ القبيلة واراضيها دون عائق وفي المقابل يقوم الدير بدفع ( الغفرة ) أي أجرة الحراسة من ذهب وفضة وكسوة وقد اطلعت على اقدم وثيقة من وثائق دير سانت كاترين كتبت بخط الرهبان ذكرت  اسماء افراد من عشائر بدنة الترابين مؤرخة في 1022 هـ 1613م  الذين سكنوا هذه المنطقة وهم البقية التي آثرت البقاء حيث نزلت أولاً , ومساكنهم الحالية هناك فتلك الأرض غنية بمائها وحياتها النباتية في المنطقة بين رأس خليج العقبة وحدود العجمة وتشمل بوجه خاص " منطقة النويبع " وواسط , ووادي طابة , وكل وادي وتير , والجزء الأكبر من وديان غزالة وعطية والعين , كما تشمل عيون الفرتاقة وأم أحمد وجبل جنة , وقد كان بينهم وبين التياها خلاف على منطقة البيار وآبار عديد , وما اليها من موارد الماء الواقعة على حدود العجمة وهو خلاف يمكن أن نلتمس منشأه فهضبة العجمة فقيرة جداً بالماء لا تكاد تصادف مصادره فيها الا نادراً واذا فالذين يسكنوها من قبائل التياها مضطرون الى ان يلتمسوا مواضع يشربون منها هم وحيواناتهم , فيجدون في ذلك الجزء من ارض الترابين ماء يجذبهم اليه , وكان هذا هو اساس الاحتكاك والخلاف بين القبيلتين على آبار البيار وعديد . ثم هاجر قسم منهم الى وادي النيل حيث كانت لهم قوة كبيرة ضاربة وكانت موضع قلق في عهد المماليك مما دعا علي بك الكبير الى أن يقاومهم , وأن يؤلب العربان عليهم فأتخذ الترابين استراتيجية حربية لتقليل الخسائر في صفوفهم وهم يقاومون دولة يحسب لها الف حساب في ذلك الوقت فيترك قسم منهم أراضي مصر ليلتجأ الى جنوب فلسطين والتفرق مؤقتاً في أرض التيه الى أن تسنح الفرصة فيعودون من جديد الى مصر ورغم البطش الذي تعرضوا له إلا انهم استطاعوا الصمود في وجه علي بك الكبير وقد تعرضوا لجنده في كثير من الأوقات والحقوا بهم الخسائر , وقد نجحت سياستهم تلك في البقاء وكان يخص الترابين النصيب الوفر من نقل المتاجر عبر سيناء بين السوبس من جهة وغزة وحبرون ( الخليل ) من جهة اخرى , ثم اضطروا أمام مقاومة محمد علي لنفوذ القبائل البدوية بشكل عام الى ان يتوسعوا في شبه الجزيرة العربية وجنوب فلسطين على حساب قبائل اخرى , ويختلف الترابين عن اي قبيلة اخرى في سيناء من حيث توزيعهم الجغرافي ومدى انتشارهم خارج حدودها في ناحيتين : اولاهما أنهم ليسوا كالتياها مثلاً منحصرين في منطقة واحدة وانما تتعدد مناطق سكناهم في شبه جزيرة سيناء بحكم تطور اتصالهم بها وانتقال مساكنهم في الفترات المختلفة بينها انتقالاً لا شك في انه كان يترك وراءه فروعاً من العشائر تؤثر أن تسكن الجهات التي وصلت اليها عن ان تشارك الفروع الاخرى في استمرار الحركة والإنتقال , فحين نزل الترابين أولاً شرقي بلاد الطور تركوا وراءهم بعد تحركهم من يمثلهم حتى الآن هناك , وحين عملت القبيلة في النقل عبر سيناء بين السويس وبلاد الشام تركت وراءها من يمثلها هناك كذلك , وحين انتقلت الى النيل تركت وراءها من يمثلها حول القاهرة في البساتين والمعصرة ودير الطين والقليوبية وغيرها وذلك هو الفرق الأول بين توزيع الترابين والتياها وبعض القبائل الأخرى , أما الفرق الثاني فهو ان الترابين تمثل تمثيلاً تاماً بين القبائل البدوية في وادي النيل على حين أننا رأينا ان التياها كمثال لا يكاد يكون لهم وجود هناك , ولعل ذلك راجع الى ان الترابين كانت لهم بمصر علاقات تجارية أشد من علاقة التياها بها , فهم لجأوا الى وادي النيل , ورأوا في خيراته ما يغري قبائل كثيرة بأن تنزل فيه , وتستمر في سكناه ثم تستقر بطون منها وتتكاثر , وتشتغل بالزراعة , وهم كانوا أكثر القبائل التي تمتلك الأراضي الخصبة سواء في غرب قضاء بئر السبع او الأراضي المصرية وكانوا في مصر من أكثر القبائل عملاً في نقل المتاجر بين مصر وفلسطين مما يجعل صلتهم بتلك البلاد قوية وهذا شجع قبائل كثيرة على ان تنزح الى مصر , وقد جاء في دراسات عن علماء الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798م ان حوالي ثلاثة الآف منهم يسكنون زمام البساتين وحلوان والمعصرة وعدد آخر يزيد على ذلك يسكن في مديرية الجيزة في ذلك الوقت وعلى ان الترابين يمثلون اكثر من ذلك خارج حدود سيناء الشرقية حول قضاء بئر السبع وجنوب فلسطين حيث يوجد العدد الأكبر منهم ( نجمات الترابين ) الذي يستملكون اخصب اراضي القضاء ويستفيدون مما يصيبهم من المطر يزرعون عليه الحبوب كالشعير والحنطة وترعى ماشيتهم وأغنامهم ما ينمو على المطر من مرعى وفير وفي حال انحباس المطر ينزحون الى مناطق وادي الصرار وجهات الخليل وغزة وطولكرم وبعض مناطق شمال فلسطين كـ حيفا ويافا فهناك أبناء عمومتهم الوحيدات ولهم نفوذ وقوة وشوكة , مساكن الترابين في سيناء تنحصر بين مناطق التياها في الجنوب وأراضي السواركة في الشمال , أما المنطقتان الأخريان قرب رأسي خليجي العقبة والسويس , فأهميتهما ثانوية للترابين ’ لا يمكن أن تقاس بأهمية المنطقة الشمالية , وفيما يلي توزيع أراضي الترابين في تلك المناطق الثلاث , نذكرها كلها في دراسة قبائل سيناء الوسطى ولو أن جزءاً بسيطاً منها يخرج في توزيعه عن حدود هضبة التيه . 
ب- ترابين الشمال : وهم أحدث من سكن سيناء من الترابين جميعاً , ينزلون أرض الدمث محيطين ببلاد التياها من الشمال , تمتد منازلهم من شمال جبل المغارة الى الشمال الشرقي حتى تصل غزة بأتصال مع ابناء عمومتهم النجمات , فتشمل بذلك الجفجافة وجبل المغارة والمقضبة والروافع والعمر وكلها مراكز شهيرة بالآبار , كذلك يتداخل الترابين مع السواركة في أرض ( الجورة ) الى شرق العريش , وهي اراضي يعتبرها الأهالي أخصب بلاد العريش كلها واجودها تربة يزرع بها القمح والشعير يضاف الى ذلك منطقة ( البرث ) الواقعة في الجنوب الشرقي للجورة , وهي سهول مكشوفة من الرمل ممتدة الى وادي الأبيض وهي تصلح لرعي الأبل إذ تكسوها الأعشاب الصالحة للرعي , وهي من المناطق التي ليس فيها من المراكز الهامة الا تلك المساحة في منطقة الجورة وهذا يفسر لنا تلك الغارات المتتابعة التي كان يوجهها الترابين الى مصر لغزوها والتي يذكر منها بيركهارت في القرن التاسع عشر غزوات شيخ النبعات ( ابن جهامة ) على طريق الحاج بين قفط والقصير فقبض جند محمد علي باشا على شيخ القبيلة ( ابن جهامة ) وسجن فالتباين في الغنى بين اراضي الترابين والسواركة كان مسئولاً أكبر عن حرب ( المكسر ) التي وقعت بين القبيلتين عام 1856م والتي شرحها نعوم بك شقير ونقلها عنه ( مري ) في كتابه ( اولاد اسماعيل ) وهذا يفسر هجرة بدنة النجمات الترابين من سيناء الى فلسطين والتوسع على حساب القبائل الاخرى في الحروب التي خاضتها للإستيلاء على غرب قضاء بئر السبع وهي من اخصب الأراضي فالظروف الطبيعية أشد ملائمة للسكنى في فلسطين من سيناء لأنها أغنى بالمرعى والنباتات .
ج- ترابين منطقة السويس : وهم أقدم من ترابين الشمال , وهم من فروع البدنات التي كانت تتجمع عند السويس لنقل المتاجر بينها وبين غزة وحبرون ببلاد الشام , يأتي ذكر سكناهم للصحراء من القاهرة حتى وادي ( غرنديل ) على ساحل خليج السويس الشرقي وامتلاكهم لعيون موسى وبئر ابي صويرة في كتاب ( وصف مصر ) ويشير بيركهارت الى انهم يسكنون جبل الراحة والى منهم كانت مياه ابي صويرة الى وادي وردان وتوزيع الترابين في ذلك الجزء من سيناء منذ ايام الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798م حيث كان التوزيع يمتد في جبل الراحة وعين صدر وعيون موسى ووادي الربيثة , تصل مساكنهم شمالاً الى جدي وأم خشيب وتمتد جنوباً الى وادي وردان وغرنديل تشاركهم بعض القبائل فيها .  وللحيث بقية ( اسماعيل بن عياد )  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق