فلسطين في عهد الإنتداب البريطاني / الحكم الذاتي في الماضي والحاضر - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الخميس، 15 سبتمبر 2016

فلسطين في عهد الإنتداب البريطاني / الحكم الذاتي في الماضي والحاضر


فلسطين في عهد الإنتداب البريطاني - الحكم الذاتي في الماضي والحاضر :
كانت الإمبراطورية العثمانية تنقسم من الناحية ادارية الى : 1- ولايات 2- متصرفيات 3- أقضية 4- نواحي وكانت فلسطين تضم ثلاث متصرفيات القدس , نابلس , عكا على أن القدس كانت تتمتع بميزات الولاية بالنسبة لمركزها الديني وكانت تتصل بالاستانة مباشرة . المجالس العمومية : لما فازت تركيا الفتاة بإنتزاع الحياة الدستورية من السلطان عبد الحميد سنة 1908م وأنشأت البرلمان كان يمثل فلسطين فيه ستة اعضاء ثلاثة من القدس واثنان من نابلس وواحد من عكا , وكان يوجد فضلاً عن البرلمان مجلس عمومي في كل ولاية واعضاء هذا المجلس ينتخبهم نفس الذين ينتخبون اعضاء البرلمان . مجالس الأدارة : وهذه المجالس كانت تتألف من بعض الموضفين ومن اعضاء آخرين ينتخبون , وكان بين الأعضاء المفتي , والقاضي , والرؤساء الدينيون للطوائف الأخرى غير المسلمة . مجالس النواحي : والناحية هي أصغر من الأقسام الإدارية في عهد الحكم التركي وكان على كل ناحية مدير يعاونه في اعماله مجلس مؤلف من اربعة اشخاص أو أكثر حسب الحاجة وكل المجالس التي ذكرناها من البرلمان الى مجالس النواحي , كانت مؤسسات مستوفاة شرائط التمثيل النيابي , والاشتراك في ادارة البلاد وحكمها . وكل هذه المؤسسات طويت صفحاتها منذ ان احتل الآنجليز هذه البلاد. المجالس البلدية : والمسؤولية التي تتعهد بها المجالس ظهرت مع العرب منذ ظهورهم كأمة مبسوطة الظل مستفيضة السلطان , ومما يؤثر عن عمر بن الخطاب انه كان يذرع الشوارع جيئة وذهاباً يلاحظ حياة الناس ومسالكهم ويشير عليهم بما يصلح من اخطائهم العامة , فلقد كان يمنع القسوة عن الحيوانات ويراقب دقة الموازين والمكاييل ويشرف على التعليم , ويمنع المخالفات الصحية , وكل هذا وامثاله صور من واجبات البلدية في أحدث اشكالها , بل لقد ذهب الأمر بالعرب الى حد إيجاد مؤسسة اسمها ( الحسبة ) يرأسها شخص مسؤول هو اقرب ما يكون الى رئيس البلدية في وظيفته الحاضرة , والترك ورثوا النظام البلدي عن العرب وساروا عليه في حياتهم الطويلة ولما دخل الإنجليز البلاد وجدوا الهيئات البلدية تعمل وتتصرف بشؤونها , حتى لقد كان رئيس بلدية القدس سليم أفندي الحسيني , هو الذي سلم المدينة للفاتحين ( الإنجليز ) وفي عهد الاتراك كان عدد اعضاء البلدية الواحدة يتراوح بين ستة واثني عشر عضواً , ينتخبون لمدة أربع سنوات وكان نصف الأعضاء فقط يعاد انتخابهم كل سنتين وكانت اعمال المجالس البلدية تشمل مراقبة المباني والتنظيفات ومراقبة الأسواق والترميمات والانارة وتسجيل المواليد والوفيات ومراقبة الصحة والموازين والمكاييل والاخلاق العامة وما الى ذلك وكانت نفقات ادارة البلدية لا تتعدى قسط عشر دخلها وكانت البلدية تعتمد في دخلها على ضريبة ( الاوكتروا ) وغيرها مقارنة بين البلديات في عهد الأتراك وعهد الإنتداب : ترى مما تقدم ان الهيئات البلدية كانت تنعم في عهد الاتراك بكيان محترم مستقل وكان تدخل الحكومة لا يتعدى حق تعيين الرئيس من بين المنتخبين الحائزين على اكثرية الأصوات , ولما احتل الإنجليز البلاد افسدوا كثيراً من كيان هذه المؤسسات النيابية , فمن ذلك انهم سلبوا البلديات كثيراً من حقوقها , فصاروا يعينون الرؤساء ويعطلون الإنتخابات ويحلون المجالس ثم ازالوا الأكثر وعرقلوا مصادر اليلديات المالية , كل هذه التعديات على البلديات وغيرها نظر اليها الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت كتحد صارخ ضد حقوقهم في الحكم الذاتي , والفقرة الآتية من فقرات قانون اصدرته حكومة فلسطين المنتدبة يفسر لك مبلغ تعديات هذه الحكومة على الوان الحكم الذاتي التي كان يتمتع بها الشعب الفلسطيني قبل الإحتلال الإنجليزي " كل مجلس بلدي عين منذ بدء الاحتلال يعد كأنه منتخب ويتمتع بكل سلطات المجالس المنتخبة " ومن الآن حتى يجري انتخاب البلديات يكون لحاكم اللواء الحق بعد موافقة المندوب السامي في تعيين او الغاء اي مجلس بلدي او اي رئيس مجلس بلدي او اي عضو منتخب فيه " ثم صار للمندوب السامي حق تعيين قاضي للبلدية بعد استشارة رئيس القضاة , فسلب البلديات بذلك قسماً كبيراً من حقوقها التشريعية ومن وارداتها وفي 16 آذار سنة 1929م أصدرت الحكومة قانون المجالس المحلية استلبت فيه كثيراً من سلطات البلديات , وأحتفظت لنفسها بحق مراجعة حسابات البلدية وحق تعديل أو رفض اي قرار يتخذه المجلس البلدي , ويذكر ذلك القانون ايضاً ان للمندوب السامي الحق في عزل اي رئيس بلدية او عضو من اعضائها وتعيين من يرى مكان المعزولين وان للمندوب كذلك حق اطالة مدة المجالس البلدية كيف شاء , وتعطيل الانتخابات بحكم ذلك التمديد , أما في زمن الترك فقد كانت الانتخابات تجري بنظام , وكل من قارن بين حالة البلديات في عهد الترك وبين حالتها في عهد الإنتداب يستطيع ان يدرك ان الترك كانوا يرمون الى ترك الاهالي احراراً في التمتع بقسطهم من الحكم الذاتي في حين ان الإنجليز لا يفتأون يعملون اثناء احتلالهم على افساد ما تبقى بين ايدي السكان من حظ ضئيل من الحكم الذاتي غير ان هناك شيئاً ترى من الانصاف ان نذكره ففي عهد الانجليز نظمت مجالس قروية في 30 قرية عربية وفي 6 مستعمرات يهودية وهذا ما لم يعمله الترك كذلك يقابل الاسلاب التي خرجت بها الحكومة المنتدبة من سلطات البلديات , كفاية ملحوظة فما تعهد به من اعمال الصحة والنظافة لا ينكره انسان وعلى هذا فيمكننا ان نقول بأن الحرية الداخلية ضحى بها على مذبح الكفاية والمهارة في اعمال الصحة وغيرهما مما اخذته الحكومة على نفسها بالنيابة عن البلديات وعلى الجملة ان الترك الذين يوصفون بالاستبداد والظلم في عهودهم الماضية , افسحوا للسكان مكاناً للاشتراك في حكم البلاد ومهدوا لهم مقاعد في البرلمان والمجالس العمومية في الولايات والمجالس الادارية في الاقضية ومجالس النواحي في النواحي الادارية والانجليز الذين حكموا فلسطين وهم المعروفون بالحرص على الحياة الديمقراطية والمحافظة على حقوق الانسان فهل انالوا البلاد والعباد شيئاً مما كانوا يتمتعون به ايام اولئك الظالمين المستبدين كما يوصفون !! ان ادارة فلسطين وضعت في يد احتلال بغيض حكم الاراضي المقدسة على الكره من اهلها وضد مصلحتهم وخير بلادهم وكل هذا من اجل تنفيذ وعد بلفور .
( اسماعيل بن عياد الترباني )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق