الأسر التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين

بعض أسر فلسطين وتقسيماتها : إن سكان فلسطين ينقسمون الى طبقات فمنهم الحضريون ( المتمدنون ) , وأنصاف المتمدنين , والقرويون , وأعراب , والبدو (1)  : فالحضريون هم بعض سكان المدن وبعض افراد في بعض القرى (2): وأنصاف المتمدنين هم أكثرية سكان المدن واغلب سكان قرى البلدان الشمالية وأطراف رام الله وبعض عائلات في قرى يافا والقدس وجبل الخليل ( 3 ) : القرويون هم أغلب سكان القرى وبعض أفراد في القبائل ( 4 ) : الأعراب هم الذين يسكنون الخيام والقرى حيناً بحسب مواسم السنة ويكثر هؤلاء في قرى الخليل والقرى الملاصقة للغور من بلدان نابلس ورام الله وجنين ( 5 ) : البدو هم القبائل الرحل الا انهم اصبحوا نازلين في منطقة واحدة ويزرعون الأرض ويعيشون منها وقد ابتنى بعضهم بيوتاً حجرية وأكثر هؤلاء يقطنون قضاء بئر السبع وبيسان وبعضهم ينتشر في اكثر الأقضية الأخرى , أما سكان فلسطين بحسب اديانها فهم المسلمون والمسيحيون والسامريون فالمسلمون هم الأكثرية ونفوسهم نحو 770 الفاً مع الدروز والشيعيين والبهائيين لانهم من فرقهم وهم مزيج من عرب وأتراك وأكراد وجركس وأرناؤوط وفرس وأفغان وبربر وزنوج ونور وبرامكة ونفر من الأجناس المسيحية واليهودية والسامرية اعتنقوا الدين الاسلامي واصبحوا في عداد المسلمين , أما مذاهب أهل السنة فهي أربعة وأكثرها انتشاراً في فلسطين الشوافعة اتباع الامام محمد بن ادريس وهم اغلب سكان القرى وبعض اهل المدن وعددهم يقدر بنحو 75 في المائة من مجموع المسلمين ثم يليهم اتباع الامام أبي حنيفة وعددهم نحو 15 في المائة من مجموع المسلمين ثم السادة الحنابلة أتباع أحمد بن حنبل وعددهم نحو 7 في المائة ثم الموالك اتباع الامام مالك بن أنس وعددهم نحو 3 في المائة أما المسيحيون وعددهم 91 الفاً فهم مزيج من شعوب متعددة عرب وأعاجم فالعرب هم سكان القرى والمدن التي ليس لها سلطان ولا أماكن مقدسة نزحوا الى فلسطين من شرق الأردن وحوران وهم لا يختلفون عن المسلمين العرب في لهجة او عادة أو لباس بل لا تكاد تفرق بينهم في شيء ولا يزالون متمسكين باللهجات العربية مثل وكم ربيعة ووهم كاب والكشكشة والسكسكة والاستنطاق ..الخ وأن أكثرية الطوائف المسيحية هم الارثوذكس وأغلبهم عرب أما الطوائف الأخرى التي لم تهوها المبشرون بل كانوا من الصل لاتيناً او كاثوليكياً او سرياناً او ارمناً فتغلب عليهم الأعجمية كما انه قد اندس بين المسيحيين الذين سكنوا البلدان التجارية او ذات الأمكنة المقدسة جاليات أوروبية وأرمنية وسريانية وأشورية وقبطية وحبشية فتعربوا وان كانت سماؤهم طاهرة وعلى اصلهم شاهدة أما اليهود فهم اقلية واجناس مختلفة واقلهم الساميون واكثرهم خليط من الشعوب الآرية , والسامريون هم بقية شعب سامي استوطن فلسطين قديماً , هذا تقسيم فلسطين بحسب طبقاتها وأديانها أما أحزابها فقد كانت منشطرة الى حزبين القيسي واليمني (أ): فالحزب القيسي مؤلف من جميع القبائل الغزاوية والحجازية والنجدية (ب) : والحزب اليمني مجموع القبائل القحطانية واليمنية وهذا الانقسام السياسي ورثه العرب عن اجدادهم قبل الاسلام وقد اشتدت نعرته في عهد الدولة الأموية ولا يزال متصلاً بالابناء حتى يومنا هذا رغم ما اعتراه من وهن وضعف وانه لمن المبهج ان يشترك المسلم والمسيحي في هذه الحزبية ولا يكون للنعرة والديانه اثر على صداقتهم في عهد التعصب الديني حتى ان المسلمين العرب كانوا يميزون المسيحيين العرب في الجزية والخراج والجهاد لانهم من لحمهم ودمهم ولأنهم رأوا فيهم اخلاصاً فكانوا عوناً لهم وحرباً على غير العرب المسيحيين وان الحروب القيسية واليمنية في فلسطين لأكبر دليل على ارتباط العرب في قوميتهم حيث كان يقف المسيحي القيسي بجانب المسلم القيسي يحاربان المسلم والمسيحي اليمانيين في زمن اشتدت فيه العصبية الدينية , أما اذا ذهبنا الى تقسيم السكان بحسب بقاعها فهي ثلاثة أقسام : ساحلية سهلية , وجبلية , وسكان المدن (1) : سكان البلاد الساحلية من رفح حتى آخر قضاء عكا يسكنون بيسان واريحا وغور نابلس وهم بين بدو وقرويين ولكن ليس بينهم عائلة اقطاعية وكلهم خاضع الى القبائل أو الأسر التي تسكن الجبال وقلما تجد عائلة ذات زعامة تسكن قرى السواحل التي كثر فيها المهاجرون المصريون والذين لا يزالون يحملون الطابع المصري في لباسهم وانسابهم نحو البلبيسي والزعبلاوي والدمياطي والبرسلي والمصري والسنهوري والصعيدي وغير ذلك ويوجد بين هذه السر المصرية عائلات شريفة لم تصبر على ظلم فهجرت بلادها الى فلسطين واستقرت وفي هذه البقعة السهلية والساحلية يسكن قبائل الترابين والتياها والعزازمة والحناجرة والجبارات والجرامنة وابو كشك والسوالمة وعرب وادي الحوارث والصقر والمشالخة وشراذم حويطات وغيرهم . (2) : البلاد الجبلية : وهي منازل السر الأقطاعية والعائلات القديمة الكبيرة رغم ما اندمج فيها من شراذم متعددة وينقسمون الى امراء ومشايخ (أ): فالمراء هم : الأمير العويس أمير وادي الصرار أمراء زلقة امراء كفر كنا أمراء المواسي الأمير المسعودي الأمير الغزاوي الأمير العبادي شريف حيدري الأمير الحارثي انقرض نسله . (ب) : المشايخ الأقطاعيون وهم ينقسمون في قضاء الخليل الى اربعة اقطاعات : بلاد العمور بلاد العزة , عرقوب اللحام , العملة , وقبائل الخليل البدوية الكعابنة والجهالين .أما قضاء القدس فينقسم الى ثمانية اقطاعات وهي وادي العريقات بني حسن الأعرج بن مالك ابو غوش , بني زيد البرغوثي و بني مرة البرغوثي , بني سالم البرغوثي , بني حارث السمحان جبل القدس , الكسواني , البيتراوي , البينوني , الديواني وقبائل هذا القضاء هي السواحرة , التعامرة , الرشايدة , , العبيدية , العرنيات , النصيرات , الصعايدة , اللعاينة ...الخ أما اقطاعات قضاء نابلس وكولكرم وجنين فهي جورة مرداد وجورة عمرة ( بلاد الجماعيني ) ومشاريق البيتاوي ( الحاج محمد ) وبني صعب الجيوسي والشعراوية ووادي الشعير البرقاوي وعبد الهادي ومشاريق الجرار وبلاد حارثة عبد الهادي . وقضاء حيفا يشمل على اقطاعين بلاد الروحاء وساحل ابن ماضي ( الوحيدات ) وهناك قبائل التركمان وقبائل عربية ضعيفة اخرى . أما بلاد الناصرة وطبريا وصفد وعكا فلم أعثر على اقطاعية هناك وأظن انها كانت خاضعة تحت نفوذ سكان المدن والقبائل البدوية . (3): أما المدن فيختلف سكانها بحسب موقعها فقد كان في مدينة غزة زعماء وهم آل الحسيني ولهم نفوذ وسلطة اما في مدينة الخليل فكان هناك زعامات تتصل دائماً بالقبائل مثل الدويك والحموري ومرقة والتميمي وغيرهم , أما القدس فزعماؤها : الخالدي , العلمي , الحسيني , النشاشيبي وغيرهم أما مدينة نابلس فتمتاز عن غيرها من المدن بأن كانت قطب الزعامة وذات اتصال دائم بالزعامات المشهورة وزعماؤها طوقان , النمر قاسم , عبد الهادي , وقد ترك الأخيران مساكنهم وسكنوا في نابلس , وقد كان هناك نفوذ علمي وحكومي لبعض الأسر مثل آل نسيبة والصلاحي في القدس وآل التاجي والخيري والغصين في الرملة وصلاح والخماش وعاشور والنابلسي في نابلس والفاهوم في الناصرة والطبري في طبريا والنحوي وقدورة في صفد والخليل وفي حيفا السعدي والهكاري في عكا ..الخ وهناك اسر كريمة لعبت دوراً مهماً في تاريخ فلسطين في القرن الأخير مثل : آل الدجاني والشوا والخيال والصوفي ( ترابين )  والبيطار وزعيتر وحماد والشكعة والعبوشي وعون والصلاح والشقيري والعبدالله وغيرهم واني لم اتعرض لكثير من الاسر الحسيبة والشريفة مع اعترافي بعراقتها في الحسب والنسب . أما الأسر المسيحية الظاهرة في فلسطين والتي كان لها شأن في دواوين الحكومات ونفوذ في الاسواق التجارية فهي العيسى , روك الكسار , الدباس , الصايغ , تمارى , ظريفة , زخريا فراج , حنانيا , صيقلي , قعوار , كساب الحدرة , بندك ..الخ فهذه فلسطين وتقسيماتها وهذه لمحة عن اسرها وتقسيماتها بايجاز وان كنا لم نذكر جميع الاسر فذلك لا ينقص من كرامتها لان هذه العجالة لا تتسع للتفصيل الجزء الأول .  ( المحامي عمر الصالح البرغوثي 1930م)