نباهة بعض قضاة العرب / القضاء العرفي - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الاثنين، 19 سبتمبر 2016

نباهة بعض قضاة العرب / القضاء العرفي


[ نباهة بعض قضاة العرب ] :

هناك قصص متداولة عن نباهة بعض قضاة العرب ما يجدر ذكره هنا وبياناً لذكاء العرب وتوقد ذهنهم وحصافة رايهم قيل : كان لأحدهم امراتان وقد ولدتا في اسبوع واحد فوضعت الواحدة غلاماً والثانية بنتاً , وبعد قليل توفيت الأبنة , فما كان من والدتها الا ان وضعتها سراً في فراش ضرتها واخذت الصبي وادعت فيما بعد انه لها , وبعد منازعة طويلة رفع الأمر الى أحد القضاة المشهورين , ولم يكن من شاهد على حقيقة الحال لأن الأمرأتين ولدتا في البادية في غيبة زوجهما ودون قابلة ولا جارة , فاعمل القاضي الفكرة ثم طلب حليب الأمرأتين وفحصهما فميز حليب أم الصبي من حليب أم البنت فوجد الواحد اضعف من الآخر , فقضى بإرجاع الغلام الى أمه الحقيقية ويحكى ايضاً ان اعرابيين انتجت فرسان لهما في ليلة واحدة فوضعت الواحدة مهرة والثانية مهراً ولما مات هذا وبعد قليل اخذت كلتا الفرسين ترضعان المهرة على حد سوى , فأدعى أحد البدويين زوراً ان المهرة له ورفعاً امرهما الى قاض مشهور بنباهته وحذقه ولم يكن للمدعين من شهود لاثبات الحقيقة او بيانها , ففكر القاضي قليلاً ثم قال لهما : ان في الغد يقضي بينهما , وفي الغد اتوا بالفرسين والمهرة الى بركة ماء وهناك أمر القاضي ان يضعوا المهرة , ثم أبعد الفرسين الى مسافة منها وبعد قليل اطلقوا سبيل الواحدة فأتت نحو البركة وأخذت ترعى على حفافها دون ان تبالي بالمهرة التي تصهل لها , وعندما اطلقوا سبيل الثانية جرت عدواً نحو فلوتها وخاضت عباب الماء حتى دنت منها وصارت ترضعها وتلحسها فعرفوا للحين انها هي امها وأعيدت الى صاحبها , وفي قضية أخرى وهي من باب الفكاهة : ادعى رجلان حق " الخوة " أي السيادة على احدى القرى فقال الأول منهما للقاضي انه يوم بث ترابها ونعق غرابها هي لي وقال الثاني : انه من يوم هبت ريحها ونبت شيحها هي حق لي , حينئذٍ اجابهما القاضي : طالما تكذبان احيلكما الى ابينا آدم حتى يقضي بينكما . ومثل هذه الحكايات كثيرة عند العرب يروونها عن قضاتهم المشهورين بالحصافة والنباهة وسداد الرأي . وهذه الصفات تكون اولاً غريزية في نفس قاضي العرب ثم تزداد بمزاولة القضاء على حد ما يفعل طلاب الحقوق والشرع في الحكومات المتمدنة فانهم يطالعونها اولاً في المعاهد العلمية والمؤلفات الموضوعة لها , ثم يلازمون مدة من الزمن بعض مشاهير الأساتذة حتى يأخذوا عنهم الدرية والحذاقة , فأبن القاضي عند العرب يأخذ عن ابيه بطول العهد لاستماع فتاوي والده ومعرفة التشريع في القضاء العرفي ويحفظه لا في سجل او كتاب بل على ظهر قلبه ويباشر احياناً تحت مراقبة ابيه حل بعض المشاكل الصغيرة حتى يصبح نظير والده وقد يفوقه . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق