بلدية بئر السبع من العهد العثماني حتى الإنتداب البريطاني - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الأربعاء، 25 مايو 2016

بلدية بئر السبع من العهد العثماني حتى الإنتداب البريطاني

بلدية بئر السبع في العهد العثماني وعهد الإنتداب البريطاني - الحكم الذاتي في الماضي في تلك الحقبة :
كانت الامبراطورية العثمانية تنقسم من الناحية الادارية الى : ولايات , ومتصرفيات , وأقضية , ونواحي وكانت فلسطين تضم ثلاث متصرفيات هي : القدس , ونابلس , وعكا على ان القدس كانت تتمتع بميزات الولاية بالنسبة لمركزها الديني وكانت تتصل بالاستانة مباشرة . المجالس العمومية : لما فازت تركيا الفتاة بانتزاع الحياة الدستورية من السلطان عبد الحميد سنة 1908م أنشأت البرلمان وكان يمثل فلسطين فيه ستة اعضاء ثلاثة من القدس واثنان من نابلس وواحد من عكا , وكان يوجد فضلاً عن البرلمان , مجلس عمومي في كل ولاية , وأعضاء هذا المجلس ينتخبهم نفس الذين ينتخبون أعضاء البرلمان . مجالس الإدارة : وهذه المجالس كانت تتألف من بعض الموظفين ومن اعضاء اخرين ينتخبون , وكان من بين الاعضاء المفتي والقاضي والرؤساء الدينيون للطوائف الاخرى غير المسلمة . مجالس النواحي : والناحية هي اصغر قسم من الاقسام الادارية في عهد الحكم التركي , وكان على كل ناحية مدير يعونه في اعماله مجلس مؤلف من اربعة اشخاص أو اكثر حسب الحاجة , وكل المجالس التي ذكرناها من البرلمان الى مجالس النواحي , كانت مؤسسات مستوفاة شرائط التمثيل النيابي , والإشتراك في ادارة البلاد وحكمها , وكل هذه المؤسسات طويت صفحاتها منذ احتل الانجليز هذه البلاد سنة 1917م . المجالس البلدية : والمسؤولية التي تتعهد بها المجالس البلدية اليوم ظهرت مع العرب منذ ظهورهم كلمة مبسوطة الظل مستفيضة السلطان , ومما يؤثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه كان يذرع الشوارع جيئة وذهاباً يلاحظ حياة الناس ومسالكهم ويشير عليهم بما يصلح من اخطائهم العامة , فلقد كان يمنع القسوة عن الحيوانات ويراقب دقة الموازين والمكاييل ويشرف على التعليم , ويمنع المخالفات الصحية , وكل هذا وامثاله صور من واجبات البلدية في احدث اشكالها , بل لقد ذهب الأمر بالعرب الى حد ايجاد مؤسسة اسمها " الحسبة " يرأسها شخص مسؤول هو اقرب ما يكون الى رئيس البلدية في وظيفته الحاضرة والترك ورثوا النظام البلدي عن العرب وساروا عليه في حياتهم الطويلة ولما دخل الإنجليز البلاد وجدوا الهيئات البلدية تعمل وتتصرف بشؤونها , حتى لقد كان رئيس بلدية القدس , سليم أفندي الحسيني هو الذي سلم المدينة للفاتحين , بعكس قضاء بئر السبع الذي دافع ابناء القبائل وشيوخهم مع الجيش العثماني حتى هزيمة الاتراك سنة 1917م وعلى الرغم من المناشير التي كانت تلقيها الطائرات لحثهم على الانضمام للجيش الإنجليزي وبالوعود بالحرية والاستقلال الا ان الأهالي كانوا لا يثقون بالإنجليز البتة وقد صدقوا في ذلك لذا أبقت الحكومة العسكرية الشيخ حماد باشا الصوفي رئيس البلدية واعضاء المجلس البلدي  كما هو الذي عين زمن الاتراك , في عهد قائمقام بئر السبع محمد أفندي جار الله فكان المجلس البلدي الأول مؤلفاً من الشيخ حماد باشا الصوفي عن ( الترابين رئيساً ) وعودة ابو قبيلة عن
( العزازمة عضواً ) وسلام ابي زكري عن ( الحناجرة عضواً ) والحاج حسين ابي عبدون ( عن التياها عضواً ) وسليمان بن رفيع عن ( الجبارات عضواً ) فقام المجلس البلدي واعضاءه بادارة شؤون قضاء بئر السبع بأنفسهم دون تدخل من الحاكم العسكري لعدم اثارة العربان عليهم , ففعلت كما كانت تفعله الحكومة العثمانية لارضائهم وهي تعلم انهم لا يطأطئون رأساً ولا يلينون مراساً فهم متوقدي الذهن واذكياء فتركت لهم ادارة انفسهم بقوانينهم العرفية وسننهم وشرائعهم التي يلجأون لها
وهي خاصة بهم يقومون لها ويقعدون , في عهد الاتراك كان عدد اعضاء البلدية الواحدة يتراوح بين ستة واثني عشر عضواً ينتخبون لمدة اربع سنوات وكان نصف الاعضاء فقط يتم اعادة انتخابهم كل سنتين وكان للسكان حرية تزكية الرئيس للفترات التي يرغبون بها , وكانت اعمال المجالس البلدية تشمل مراقبة المباني , والتنظيفات , والترميمات , والشوارع , والادارة , ومراقبة الأسواق , وتسجيل المواليد والوفيات ومراقبة الصحة والموازين والمكاييل والاخلاق العامة وما الى ذلك , وكانت نفقات ادارة البلدية لا تتعدى قسط عشر دخلها , وكانت البلدية تعتمد في دخلها " الاوكتروا " وغيرها .

مقارنة بين البلديات في عهد الاتراك وعهد الإنتداب :

 ترى مما تقدم ان الهيئات البلدية كانت تنعم في عهد الاتراك بكيان محترم مستقل , وكان تدخل الحكومة لا يتعدى حق تعيين الرئيس من نين الناخبين الحائزين على اكثرية الاصوات , ولما احتل الإنجليز البلاد أفسدوا كثيراً من كيان هذه المؤسسات النيابية فمن ذلك انهم سلبوا البلديات كثيراً من حقوقها , فصاروا يعينون الرؤساء ويعطلون الانتخابات , ويحلون المجالس , وازالة مصادر البلديات المالية وكثير من التعديات على البلديات فنظر الى ذلك الشعب كتحد صارخ ضد حقوقهم في الحكم الذاتي اذا تم الاستثناء الحاصل في قضاء بئر السبع لحساسية طبيعة سكان ذلك القضاء . والفقرة الآتية من فقرات قانون اصدرته حكومة فلسطين المنتدبة يفسر لك مبلغ تعديات هذه الحكومة " حكومة الإنتداب " على الوان الحكم الذاتي التي كان ينعم بها الشعب الفلسطيني قبل الاحتلال الإنجليزي البغيض : ( كل مجلس بلدي عين منذ بدء الإحتلال يعد كأنه منتخب ويتمتع بكل سلطات المجالس المنتخبة ومن الآن وحتى يجرى انتخاب البلديات يكون لحاكم اللواء الحق , بعد موافقة المندوب السامي في تعيين او الغاء أي مجلس بلدي أو أي رئيس مجلس أو عضوية ) ثم صار للمندوب السامي حق تعيين قاضي لمركز البلدية بعد استشارة رئيس القضاة , فسلب البلديات بذلك قسماً كبيراً من حقوقها التشريعية ومن وارداتها. وفي 16 آذار سنة 1929م أصدرت الحكومة قانوناً للمجالس المحلية استلبت فيه كثيراً من سلطات البلديات , وأحتفظت لنفسها بحق مراجعة حسابات البلدية وحق تعديل أو رفض اي قرار يتخذه المجلس البلدي ونذكر ذلك القانون ايضاً للمندوب السامي الحق في عزل اي رئيس بلدية او عضو من اعضائها وتعيين من يرى مكان له ويحق للمندوب السامي اطالة مدة المجالس البلدية كيف شاء , وتعطيل الانتخابات بحكم ذلك التمديد , اما في زمن الترك فقد كانت الانتخابات تجري بنظام ولكن منذ الاحتلال الإنجليزي حتى اواخر فترة الإنتداب , لم تعرف البلاد غير انتخاب واحد للمجالس البلدية , وكل من قارن بين حالة البلديات في عهد الاتراك وبين حالتها في عهد الإنتداب , يستطيع ان يدرك ان الترك كانوا يرمون الى ترك الاهالي احراراً في التمتع بقسطهم من الحكم الذاتي في حين ان الإنجليز لا يفتأون يعملون افساد ما تبقى بين ايدي السكان من حظ ضئيل من الحكم الذاتي , فـ الاسلاب التي خرجت بها الحكومة المنتدبة من سلطات البلديات , كفاية ملحوظة من قبل الحكومة فيما تعهدته من اعمال الصحة والنظافة مما لا ينكره انسان وعلى هذا فيمكننا ان نقول بأن الحرية الداخلية ضحي بها على مذبح الكفاية والمهارة في اعمال الصحة وغيرها مما اخذته الحكومة على نفسها بالنيابة عن البلديات وتعقيباً على الجملة التي كررها البعض في السابق والذي وصف به الحكم العثماني بالاستبداد والظلم في العهود الماضية نقول : فقد افسحوا للسكان مكاناً للأشتراك في حكم البلاد ومهدوا لهم مقاعد في البرلمان والمجالس العمومية في الولايات , والمجالس الادارية في الأقضية ومجالس النواحي في النواحي في النواحي الادارية والإنجليز الذين حكموا فلسطين اتخذوا بحق اهلها افظع الجرائم بحق الانسانية وهم الذين يعرف عنهم الحرص على الحياة والديمقراطية والمحافظة على حقوق النيابة , فهل انالوا البلاد اثناء فترة حكمهم شيئاً مما كنا نتمتع به في ايام اولئك الظالمين المستبدين كما يوصفون ؟؟ إن الاحكام في فلسطين وادارة البلاد موضوعة كلها في ايدي الإنجليز اجانب عنها لا يعرفونها ولا تعرفهم نفساً وعقلاً بل حكموا فلسطين الأرض المقدسة رغم كره اهلها لهم وضد مصلحتهم وخير بلادهم , وإنه لمن المؤسف ان يبيع الإنجليز سمعتهم مع تواطأ العالم بأسره المتشدق الآن بالديمقراطية وحقوق الانسان وتفانيهم مجتمعين في سبيل تنفيذ وعد بلفور المشؤوم .
عود على بدء حين استقال الشيخ حماد باشا الصوفي في عام 1922م من رآسة بلدية قضاء بئر السبع ومعه المجلس البلدي احتجاجاً على ما قام به الجند والبوليس اثناء الاضطرابات واقتحامهم لمساكن البدو للتفتيش عن الاسلحة ومطلقي النار على افراد البوليس والجيش وتعرض النساء والاطفال للاعتداء والارهاب ونفي حاكم اللواء من حصول هذا الأمر في عهد حكومته ولم يقم منذ ذلك الحين شيخ من البدو على رئاسة البلدية وبقي قضاء بئر السبع دون رئيس للبلدية فتمت ادارة شؤون البلدية من قبل حاكم اللواء  يساعده بعض من الموظفين العرب ولم يشارك بدو قبائل بئر السبع منذ ذلك الحين في الانتخابات البلدية لان من شروط الترشيح ان يكون المرشح من سكان القصبة , وفي عام 1930م جرت انتخابات للبلدية بعد اصدار المندوب السامي قانون المجالس المحلية والذي نشر في الجريدة الرسمية وفاز بها تاج الدين افندي شعث الا ان عضوين من الأعضاء قدما استقالتهما وهم : السيد محمود العكلوك والسيد جورج الصايغ لتدخل حاكم اللواء المباشر ورفضه لكثير من القرارات التي اتخذها المجلس البلدي وفي عهد تاج الدين شعث  تم انشاء دار جديدة للبلدية في 1 آب سنة 1931م واليكم ما تم في افتتاح دار بلدية السبع الجديدة فقد وزعت هيئة المجلس 
 الدعوة لحضور حفلة افتتاح دارها الجديدة وحددت يوم الاثنين في 27 آب 1931م موعداً لافتتاح الحفلة وما ازفت الساعة المعينة حتى اكتظت دائرة البلدية الجديدة بوجهاء البلدة واعيانها وتجارها وزراعها حتى بلغ عدد الحضور ثلثماية شخص وبعد ما اديرت المرطبات والقهوة افتتح الحفلة حضرة رئيس البلدية تاج الدين شعث بخطاب وجيز نال استحسان الجمهور ثم تلاه سعادة قائمقام بئر السبع بخطاب بليغ اتى فيه على ما لحفلات التدشين من التأثير في نفس الشعب وشكر المجلس البلدي على همته في بناء هذه الدار التي تعد الاولى من نوعها في بئر السبع ثم تلاه المفتي الشيخ سليم بسيسو بخطاب بين فيه ما للمشارع العمرانية من الفائدة وحث الاهالي على الاكثار من زراعة الاشجار والسعي وراء الزراعة وكان مسك الختام خطاب القاه حضرة الاستاذ اديب قبيسي بدعوة من عضو البلدية السيد بيترو ترزي وقد اجاد فيه وافاد ونال استحسان الجميع لما تضمنه من البلاغة والحقائق الملموسة وحسن الالقاء وشكر الجميع المجلس البلدي ورئيسه لما ابدياه من الهمة لتشييد هذه الدار الجديدة وانتهت الحفلة الساعة السادسة والنصف مساءً وبقي تاج الدين شعث رئيساً للبلدية لغاية 2 آذار سنة 1934م وهي انتهاء فترة رئاسته القانونية فبقي مسيراً لاعمال رئاسة البلدية ودعى المندوب السامي لمؤتمر في القدس لرؤساء البلديات والمجالس المحلية في 20 آذار سنة 1934 م فحضر كممثل عن  بلدية السبع " تاج الدين شعث " وفي 19 آب سنة 1934م تقدم المرشحين لانتخابات بلدية السبع وكان  انتهاء موعد الترشيخ لبلدية السبع هو 26 آب سنة 1934م الساعة الثامنة عشر " السادسة مساء " والمرشحون هم السادة : الحاج عيسى بسيسو , حسين علي الشرفا , سعيد بسيسو , الحاج حسن العش , الحاج عبد الرحيم شكور , عبد الحميد القيسي , نبيه البيطار , حافظ مشتهى , تاج الدين شعث , الحاج هاشم شعث , وحدد يوم الأنتخاب يوم السبت 1 ايلول سنة 1934م يبتدي الانتخاب الساعة الواحدة بعد الظهر وينتهي في الساعة الخامسة مساء من نفس اليوم والغيت نتائج الانتخابات التي فاز بها تاج الدين شعث  لقيام بعض المرشحين بالاعتراض على سوء التنظيم وحدوث تجاوزات فوصل الاعتراض للمحكمة العليا والتي صدر قرار منها بالاعادة وحدد يوم 7 ايلول سنة 1934م موعداً  للاعادة وفي 7 ايلول اغلقت صناديق الانتخابا الساعة الثامنة مساء اعلن عارف بك العارف قائمقام بئر السبع ورئيس لجنة الانتخابات النتائج وكانت كما يلي  : السادة : تاج الدين شعث 167 صوتاً وعبد الرحيم شكور 137 صوتاً وحافظ مشتهى 125 صوتاً و عبد الحميد القيسي 127 صوتاً و هاشم شعث 117 صوتاً و نبيه البيطار 102 صوتاً ولم ينجح بقية المرشحين فشكل مجلس بلدية قضاء بئر السبع من الناجحين في انتخابات البلدية برئاسة تاج الدين شعث لدورة تمتد لـ أربع سنوات تنتهي في سنة 1938م .
_____________________________________________________

( الجزء الأول ) وبقية الأجزاء سنشير لها في كتابنا ان شاء الله ونحتفظ بالوثائق الخاصة بـ بلدية بئر السبع وستنشر في كتابنا / اسماعيل بن عياد الترباني ).



هناك تعليق واحد:

  1. الأخ الباحث / إسماعيل بن عياد الترباني
    اشكر لك جهودك المميزة في البحث عن وثائق منطقة النقب الفلسطيني, وسلم قلمك المميز. ونحن في انتظار نشر كتابك عن بئر السبع قريباً إن شاء الله.
    أخوكم الكاتب والباحث في التراث البدوي عرفان حمد أبو هويشل (صاحب مدونة العرفان البدوي)

    ردحذف