اعلن القائد العام الجنرال اللنبي في اواخر سنة 1917م بمنشور رسمي ان العملة المصرية هي العملة التي يجب تداولها في فلسطين بدلاً من اوراق النقد التركية ومنذ الأحتلال البريطاني لفلسطين تتداول تلك العملة حتى عام 1927م لمدة عشر سنوات فكانت فلسطين من اسعد بلاد العالم التي لم تتأثر من جراء هبوط وصعود الأوراق النقدية فيها , ولا ينتقد على العملة المصرية اولاً الا لأن وحدتها وهي قطعة ( الخمسة قروش ) وهي كبيرة القيمة في ذلك الوقت ثانياً : إن مقدار قطع النقود المعدنية الصغيرة القيمة منها قليلة التداول جداً في فلسطين فنتج عن ذلك غلاء المعيشة ولو ان الجنيه المصري بدل قيمته الى عشرين وحدة يقسم الى خمس وعشرين وحدة لأستفادت منه مصر وفلسطين فائدة كبرى في رخص المعيشة ولكانت المعيشة في فلسطين لو تم لها ذلك وتوفرت لديها قطع النقود الصغيرة من النيكل في حالة رخاء من جهة رخص المعيشة وتقول حكومة الانتداب ان فلسطين تخسر سنوياً الكثير بسبب تداول العملة المصرية لأن الفائدة تعود للبنك الأهلي المصري , وان قيمة العملة المتداولة في فلسطين تبلغ المليونين من الجنيهات .
ويتثبت اليهود منذ سنين بإيجاد عملة فلسطينية تقوم مقام العملة المصرية المتداولة آنذاك في فلسطين وقد نجحوا اخيراً بإقناع حكومة الأنتداب البريطاني الى هذه الفكرة فألفت لجنة لدرسها وتقديم تقرير عنها ولقد كان المستر هوفيان مدير بنك انكلو فلسطين الصهيوني اول من عمل لتحقيق هذه الفكرة على امل ان يناط بمصرفه حق اصدار اوراق النقد الفلسطينية فيصبح بنك انكلو فلسطين المصرف الأهلي الوطني ويسيطر بذلك على على اموال البلاد ويتلاعب باقتصادياتها تلاعب المصارف بأسعار القطع والمضاربين الماليين بأوراق النقد في العالم. عينت حكومة فلسطين لجنة لدرس وتقديم تقرير عن مناسبة تداول عملة فلسطينية وطرازها وشكلها وقيم النقود وورق النقد والتدابير الواجب اتخاذها لسحب العملة الحالية ومنع تداول اي عملة اجنبية غير مناسبة في فلسطين وسيرأس اللجنة المستر دافيس مدير مالية حكومة فلسطين وسيكون في عداد اعضائها الذوات الآتية اسماؤهم : ومن جملتهم ممثلون عن المعاهد المالية الكبيرة في فلسطين المستر ج/ بارون مدير الجمارك والتجارة والمستر أ.كلارك مدير بنك اسبيسيان بالقدس والمستر م. جراسيمو مدير بنك الكريدي ليوند بالقدس والمستر هوفيان مدير بنك الأنجلو بالستين في يافا والمستر ج. كان / القدس و علي افندي المستقيم / يافا و سليمان بك ناصيف / حيفا و المستر و . روبل مدير البنك العثماني بالقدس و المستر أ. شلي / غرفة تجارة القدس و والمستر ج. سبانيولو مدير بنك دي روما بالقدس و المستر س . فان / فريلاند .
" قانون استبدال النقود الأجنبية " بالنقد الفلسطيني لسنة 1927م
وقد نص بما يلي : كل اشارة الى جنيهات مصرية او تركية وردت في اي قانون او نظام مرعي الإجراء في فلسطين بتاريخ نفاذ هذا القانون تقرأ وتفسر كانها تشير الى جنيهات فلسطينية وكل اشارة الى غروش مصرية او تركية تقرأ وتفسر كأن القرش المصري أو التركي قد استبدل بعشر ملات بشرط ان ليس في هذا القانون ما يؤثر في سريان اي قانون عثماني او لائحة اصول محاكمات بشأن اوراق النقد التركية وقد اعلن المندوب السامي في منشور نشر في الجريدة الرسمية ان النقد الفلسطيني سيوضع موضع التعامل في اليوم الأول من شهر تشرين الثاني سنة 1927م ويساوي الجنية الفلسطيني جنيها انجليزياً او 97 غرشاً مصرياً ونصف الغرش ويقسم الى 1000مل ويصدر النقد الفلسطيني المعين من قبل وزير المستعمرات والكائن مكتبه في لندن , الأوراق النقدية والنقود الجديدة بالنيابة عن حكومة فلسطين ويمثل مدير مالية فلسطين وهو رقيب النقد مجلس النقد في فلسطين ويسحب النقد المصري ويوضع النقد الفلسطيني موضع التداول بدلاً منه في خلال بضعة اشهر تقدم التسهيلات فيها لكل انسان يستبدل النقد القديم بالنقد الجديد حسب الفئة القانونية وسيعلن عن هذه التسهيلات في حينه ولا يعتبر النقد المصري حين انتهاء مدة الاستبدال نقداً قانونياً بل يكون النقد الجديد نقداً قانونياً وسيعيد مجلس النقد الفلسطيني النقد المصري الذي يجري استبداله كما ذكر اعلاه الى مصر حيث يبيعه بما يساوي قيمته بالنقد الإنجليزي وبهدئذ يقوم المجلس بواسطة رقيب النقد بشراء أو بيع النقد الفلسطيني بالقدس لقاء عملة انجليزية في لندن بنسبة جنيه فلسطيني واحد لكل جنيه انجليزي .وذلك بعمولة صغيرة او بدونها ويكون للجنيه الفلسطيني دائماً نفس القيمة التي للجنيه الانجليزي ولا يرغب المجلس في التعرض لأعمال المصارف وخلافها من المؤسسات المالية التي تتعاطى اعمال الكمسيون ولذلك فهو لا يتعامل بمبالغ تقل عن 10000 جنيه ولديه من الاموال ما يمكنه من دفع جنيه انجليزي واحد في لندن لقاء كل جنيه فلسطيني يقدم له في القدس ان حكومه فلسطين مسؤولة ايضاً عن النقد الجديد وعلى الجمهور اذاً ان يثق ثقة تامة بأن قيمة النقد سوف تبقى ثابته دائماً ومن الغايات الرئيسية لاصدار النقد الجديد ضمان دخل من مشروع النقد المتداول في فلسطين لفلسطين نفسها ففي الوقت الحاضر يؤول ما يعود من الربح من النقد المصري المتداول في فلسطين الى مصر ويستثمر المجلس امواله الزايده ويدفع جميع دخله ( بعد سداد المصاريف وحفظ ما يلزم لتعزيز احتياطيه ) الى حكومة فلسطين لاتمام ايراداتها. استبدال النقد : تقفل جميع المصارف المالية في فلسطين وشرق الأردن ابوابها في 31 تشرين الثاني لسنة 1927م لابدال النقد المصري بالنقد الفلسطيني ويتولى الابدال بنك الباركليز مع فروعه وفي اليوم الثاني من الشهر القادم تفتح جميع المصارف ابوابها للعموم لابدال النقد المصري بالنقد الفلسطيني وقد انذرت المصارف عملاءها ان يسحبوا اموالهم منها قبل قبل آخر الشهر أو تستبدلها لهم بالنقد الفلسطيني .
وصول العملة الفلسطينية :
احضرت الباخرة " اجبشيان برنس " من شركة البرنس لاين الى حيفا الإرسالية الأولى من العملة الفلسطينية وهي موضوعة في 1500 صندوق وبينها العملة الفضية والنيكل والبرونز ما تقدر قيمته بـ 436000 جنيه فلسطيني وقد جرى تفريغ هذه الصناديق بحراسة الجند بحضور مدير المالية دافيس فاستلمها وارسلها الى القدس .
وقد ذكرت بعض المصادر ان الذي حمل حكومة فلسطين على الأخذ بنصائح اليهود هو شدة ما تلاقيه من الصعاب في ايجاد المال اللازم للقيام بمشاريعها وعدم وجود إعتماد مالي لان وكلاء التاج البريطاني قطعوا ذلك " الكريدتر " بعد أن اسلفوها ثلاثة ملايين جنية انجليزي تم انفاقها في غير طريقها الصحيح حتى اصبح دينها يفوق الخمسة ملايين جنيه فهي تريد عملة جديدة تطبع منها ما تشاء ومتى تريد , من اجل دعم اليهود مالياً وتسهيل الهجرة الغير شرعية لأقامة وطن قومي لهم على ارض فلسطين .
فئات العملة الفلسطينية الجنيه :
الأوراق : 1, 5, 10, 50 , 100
النقود الفضية : 50 , 100 مل
النقود النيكل : 5 , 10 , 20 ملات
النقود البرونز : ملان ومل واحد
الأحتجاجات على العملة الفلسطينية :
طيرت الغرف التجارية في المدن الفلسطينية برقيات احتجاج للمندوب السامي بشأن اصدار العملة الفلسطينية الجديدة ومنع كل عملة اجنبية متداوله وقد تضمنت البرقيات ما مضمونه : إن الأهالي في فلسطين قد وثقوا بالعملة المصرية ثقة تامة وأطمئنوا للمداولة بها بارتياح تام نظراً لما لمركز الصرف الذي يصدرها من الاعتبار المالي القوي ونظراً لما هي عليه مالية القطر المصري من القوة والاستقرار فقد سبق ان الأهالي ذعروا كل الذعر من الأوراق النقدية التي صدرت في العهد العثماني ولم يثقوا بها قط وكانت المعاملات المالية والتجارية بسببها في اشد درجات الصعوبة والحرج رغماً عما كانت تبديه الحكومة العثمانية من الشدة في حمل الناس على التداول بها لذلك فإن اصدار عملة فلسطينية ورفع العملة الاجنبية من اسواق فلسطين قد سبب ذعراً في قلوب الناس وفي الاسواق التجارية وسيكون لليهود مجالاً للعبث في تجارة البلاد حيث ان هذه العملة ستكون تحت تصرفهم للعبث في كل شيء .
اطلق اليهود اسماء عبرية على النقود الفلسطينية الجديدة كالتالي : المل : بيروناه , 5 ملات : ماعاه , 10 ملات : معاتايم , 50 ملاً : هازي ,100 مل : شاقل , 500 مل : هازي ليترا , 1000 مل : ليترا
غير ان البلاد التي تريد ان تستقل بعملتها عليها شروطاً منها : أن تكون اوراق النقد التي تصدرها مضمونة بالذهب وأن تكون صادراتها أكثر من وارداتها وأن تتكافأ ميزانيتها وأن تكون عملتها تابعة لعملة اخرى وأن تكون حالتها السياسية ثابته و أن يكون لها مصرف اهلي تستفيد منه البلاد وتعود ارباح اصدار النقد واستهلاكه عليه ولم ينطبق شرط من هذه الشروط على فلسطين في ذلك الوقت فإذا هي اصدرت عملة جديدة ولا ذهب لديها كان لا بد لها من ضامن آخر وهذا الضامن أما أن يكون بنكاً صهيونياً أو بنكاً انجليزياً وعلى كلتا الحالتين تكون عملة البلاد تابعة لعملة غيرها تتنازعها عوامل الصعود والهبوط والغريب في أمر حكومة فلسطين انها الفت لجنة لدرس هذه المسألة اكثريتها من مديري البنوك .. والبنوك لا يهمها جداً ان يكون في البلاد عملة ثابته لكثرة ما يعود عليها من الارباح في البيع والشراء والقطع.
النقود الفلسطينية وانتهاك حرمة اللغة العربية :
على اثر الآحتجاجات والإعتراضات من الشعب الفلسطيني بكل مكوناته جرت اتصالات بين حكومة فلسطين ودائرة صك النقود في لندن , وبالحري وزارة المستعمرات والسبب انه حين اطلع مدير ماليه فلسطين المستر دافيس والمستر جونسون وغيرهما على النقود الفلسطينية الجديدة التي وردت من لندن حديثاً لتقوم مقام النقود المصرية وجدوا ان دائرة الصك في لندن قدمت اللغة العبرانية في النقود الفضية على اللغة العربية فصارت هكذا اللغة الإنجليزية في الأعلى والعبرية في الوسط والعربية في الأسفل !!وقد احتج مدير المالية على ذلك وخابر المرجع في هذا الشأن قائلاً ان اخراج النقود بهذا الشأن سيثير الوطنيين وهم الأكثرية الساحقة في البلاد ويدعوا الى الهياج والشغب قلنا اذا ثبت ذلك , حق على حكومة فلسطين ان تفكر كثيراً في الأمر لان الوطنيين لا يرضون ان تنتهك حرمة لغتهم الى هذا الحد .
الباحث : اسماعيل بن عياد الترباني
____________________________________________________
المصادر : من الوثائق البريطانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق