لهجة قبيلة الترابين فروقات تميزها عن غيرها من القبائل العربية المجاورة

[ لهجة قبيلة الترابين فروقات تميزها عن غيرها من القبائل العربية المجاوره ]

لكل لهجة مجموعة من الصفات المشتركة تتميز بها عن غيرها بسماتٍ عامه لا توجد في غيرها من القبائل المجاورة فالتقسيم اللهجي يميز هذه القبيلة عن الأخرى من سكان نفس الأقليم فلكل قبيلة استقلالها وكيانها الخاص بها وتمسكت كل قبيلة بصفتها الكلامية في حديثها بين افراد القبيلة الواحدة لأدارة أمور حياتهم وتشترك كل قبائل الأقليم حين يجتمعون في محفل أدبي كالشعر مثلاً أو في مكان ما للتقاضي فأنهم يستعملون اللغة المشتركةقال أبو نصر الفرابي : كانت قريش أجود العرب انتقاداً للأفصح من الألفاظ وأسهلها على اللسان عند النطق واحسنها مسموعاً وأبينها ابانة عما في النفس والذين عنهم نقلت اللغة العربية وبهم اقتدى وعنهم أخذ اللسان العربي من بين قبائل العرب هم قيس وتميم وأسد..الخ فان هؤلاء هم الذين عنهم اكثر ما أخذ وعليهم اتكل في الأعراب والتصرف هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين ولم يؤخذ عن غيرهم كلخم وجذام لمجاورتهم  أهل مصر والقبط ولا من قضاعة وغسان وأياد لمجاورتهم الشام ..الخ , قبائل جنوب فلسطين وجزء من جنوب الأردن وسيناء وغزة والشرقية تشترك عموماً في لهجة واحده غير ان لدى بعض القبائل فروقات في اللهجة تميزها عن غيرها ومن أكبر قبائل هذا الأقليم قبيلة الترابين فلها من اللهجة ما يميزها عن غيرها.ففي بعض الكلمات الثلاثية يتم كسر الحرف الأول مثل : زِيت , بِيت , شِين , سِيل , وِين , ذِيل ,لِيش , تِيس وهكذا دواليك ويتميزون بأضافة هاء السكت في كل ما يفيد الملكية مثال على ذلك : فرسيه , جمليه , عباتيه , ثوبيه ,ويتميزون ببعض الكلمات مثل: علك بدل عليك وفك بدل فيك  وفه بدل فيه ...الخ وأي شيء يخص الأنثى فيقولون بدل شعرها " شعرهي" وبدل جمالها يقولون "جمالهي" وبدل عيونها يقولون " عيونهي" وبدل ثوبها يقولون " ثوبهي" وبدل زينتها يقولون " زينتهي" وبدل ولدها يقولون " ولدهي" وبدل بناخها يقولون "بناخهي" وبدل عمها يقولون " عمهي" وبدل خالها يقولون "خالهي" ...الخ وكذلك للأنثى حذف الألف في بعض الكلمات مثل في لفظ أكلنا يقولون " كلن " للأنثى فخصائص اللهجة البدوية عند قبيلة الترابين تميزها عن باقي القبائل المجاورة ويمكن اجمالاً كالآتي: أولا : الخصائص الصوتية :

1- احتفظت لهجة قبيلة الترابين على الأصوات اللثوية الساكنة ، التي فقدت في معظم اللهجات العربية الحديثة ، وهي : الثاء، والذال  ، والظاء. 2- نطق الترابين الهمزة مسهلة ،  بل تحذف أحيانا  ، ففي الكلمات الآتية،  يقول الترابين : سَما ، شِرا ، أي : سماء  ، وشراء وتسهل الهمزة بحركة مشابهة للحركة الهمزة ،  فيقولون :راس  ،بير  ، يوكل ، أي : رأس  ، بئر ، يؤكل ، والتخلص من حقيق الهمزة ، ظاهرة قديمة ، معروفة عند قبائل الحجاز ، فأصل الترابين أصلا يرجع للحجاز ، فاحتفظوا بهذه الظاهرة العربية القديمة. ثانيا : الخصائص الصرفية :

1- الاسم الثلاثي صحيح عين الفعل في حالة إسكان لام الفعل ، فإنَّ عينه تحرك بحركة مناسبة ، تقول الترابين : شمِس ، دلُو ، ففي حالة الوصل ترجع إلى أصلها ، أي شمْس النهار ، دلْو البئر  . وهذه الظاهرة قديمة معروفة في اللهجات العربية القديمة ، وأنَّ الغرض من تحريك عين الفعل للتخلص من التقاء الساكنين ، يقول سبيويه : " هذا باب الساكن الذي يكون قبل آخر الحروف فيحرك لكراهيتهم التقاء الساكنين، وذلك قول بعض العرب: هذا بَكُر ومن بَكِر " 2- الاسم الأجوف لا يحدث في إعلال ، فيقول الترابين : مديون ، مبيوع ، فلا نقول : مدين ومبيع .3- تحرك اللهجة ضمير الغائب بالكسر للمؤنث ، وهي ظاهرة عربية قديمة ، وقد أشار سيبويه لذلك ، حيث قال  : "  " هذا باب الساكن الذي تحركه في الوقف إذا كان بعده هاء المذكر الذي هو علامة الإضمار ليكون أبين لها " ، فهي عند الترابين بالكسر ، ضربتهِ ، كسرتهِ ، وبإشباع الهاء  .4- وتخصص لهجة الترابين أسماء الإشارة للقريب والبعيد والمفرد والجمع ، فتقول للمفرد المذكر : هاظا ،   هاظاك . للمؤنث : هذي (بكسر الهاء )، هَذييه ، هذيك . ثالثاً : الخصائص النحوية :1- أسماء العدد من أحد عشر إلى تسعة عشر تكون بلا راء في حالة الوقف (احداش ، اتناش .. ) وتعود إليها الراء في حالة الوصل.2- تدخل الباء على المضارع ، فيقولون ، بقول لك .

3-  يستخدم الترابين افعال مساعدة بكثرة ، مثل : عاد ، ما عاد قلت لك وتزاد الهاء  في آخر الكلمات التي آخرها حرف الياء  وقفا؛ لتبين بها حركة ما قبلها وأقرب الحروف للياء هاء السكت ذكر سيبويه بعض مواضع دخولها قال:" وجميع هذا إذا كان بعده كلام ذهبتْ منه الهاء؛ لأنه قد استغني عنها، وإنما احتاج إليها في الوقف لأنه لا يستطيع أن يحرك ما يسكت عنده تبدل الهاء ياء في لهجة الترابين فيقولون من هذه " هذي" مثال هذي هند قال سبويه ان دَهَريت هي فيما زعم الخليل بمنزلة دَحرجت ولكنه أبدل الياء من الهاء في هذه ( الكتاب 4: 393)

( والأزهرية ص258) والذي سوغ هذا الأبدال هو قرب مخرج الياء الى الهاء وهذا الأبدال يعود الى القبائل الحجازية وتحدث سبوية عن الوقف بهاء السكت في مواضع كثيرة منها عند اضافة الأسم الى ياء المتكلم في مثل هذا ( غلاميه) وجاء من ( بعديه) وانه ( ضربنيه) { الكتاب : 4: 163 } وكذلك في بعض الضمائر المنفصلة نحو هي , هو , هيه , وهوه {الكتاب 4:163}.وهذه الهاء تلحق الأسم للأستراحة عليه ولذلك نسمع هذه اللهجة عند الترابين فيقولون   : كتابيه ، ومفتاحيه ، وفرسيه أي كتابي ومفتاحي وفرسي فالوقف بهاء السكت من سمات اللهجات البدوية في هذا الأقليم. والمواضع التي ذكرت في القرآن تسعة مواضع هي: قوله تعالى فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّه  البقرة: 259،وقوله: "أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" الأنعام:90،وقوله:فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (الحاقة : 19 ) وقوله:إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (الحاقة: 20 )،وقوله: فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ(الحاقة : 25 )، وقوله:  وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (الحاقة: 26 )،وقوله:مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ(الحاقة: 28 )، وقوله: هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (الحاقة : 29 )، وقوله:وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (القارعة : 10 ). هذه بعض خصائص لهجة الترابين ، وقد حافظت مفراداتها على عربيتها الصحيحة ، أو التي يمكن إرجاعها إلى أصل عربي.

إعداد : د. أحمد الصانع والباحث اسماعيل بن عياد