البشعة محكمة جزائية بدوية غير قابلة للنقض والأستئناف - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الأربعاء، 2 أبريل 2014

البشعة محكمة جزائية بدوية غير قابلة للنقض والأستئناف

القضاء كان موجودا عند العرب حتى في جاهليتهم وعرف العرب القضاء منذ القدم وذلك لحاجتهم الماسة إليه في حل مشاكلهم فابتكروا أنظمة لهم وقوانين تمشيا مع عاداتهم وتقاليدهم العربية الأصيلة وهي وإن كانت غير مكتوبة إلا أنها سائدة بينهم سيادة القوانين المتخذة لدى الأمم المتمدنة بل أشد وأعظم وما كانت هذه الإبتكارات التى أصبحت قواعد متفق عليها بنت ساعتها وإنما كانت وليدة الماضي وخلاصة سلسلة من التجارب الناجحة في حل مشاكلهم فتوارثوها جيلا بعد جيل فأصبحت مرتكزة على أسس وقواعد متينة, والبشعه ( بكسر الباء وتسكين الشين وفتح العين):هي محكمه عرفيه تنتشر بين البدو لأثبات برائة او
ادانة متهم وهي احدى الطرق الذكيه التي استخدمها البدو لكشف الكذب او التأكد من براءة متهم ما لأظهار الحقيقه في أمر من الأمور عندما يتعذر اظهارها بوسيلة أخرى وتتمثل بتعريض من يكون محلآ لها للنار ويعتقد البدو في البشعه تدخلآ من القوى الغيبيه للمعاونه في اظهار الحقيقه بجعل النار تحدث للمبتلي اذى ان كان مذنبآ وينجو من الاذى ان كان بريئآ. فعند البدو يعتبر اجراء استثنائي ,تدفع اليه الضروره عندما تثور الشبهات حول ارتكاب أحد الأشخاص جريمة من الجرائم دون توافر الأدله او برائه او عندما تتعارض الأدله فيما بينها تعارضآ لا يقبل التدقيق ,ومن أكثر الجرائم التي يستعان بها بالبشعه هي جرائم:
القتل والعرض والسرقه والبشعه هي عباره : عن طاسه سوداء اللون ولها مقبض توضع في النار حتى الأحمرار موضوعه في نار متوهجه فيقوم المبشع بأخراجها من النار امام الحاضرين ثم يرجعها للنار وهو يراقب التغيرات على وجه المتهم ويحذره من خطورة تعرض لسانه للحرق ويطلب المبشع من المتهم اخراج لسانه خارج فمه وغسلة بالماء ثلاث مرات حتى يكون نظيفآ تمامآ وعلى جميع الحاضرين التأكد من انه ليس عليها أية علامات , وفي لحظة حاسمه يقوم المبشع بأخراج الطاسه من النار وتقريبها لوجه المتهم ويطلب المبشع من المتهم ان يلعقها مرتين ثم يطالبه القاضي بلعقها مره ثالثه صارخآ به أن يغلق فمه وينتظر جميع الحاضرين لمدة خمسة دقائق قبل ان يطلب المبشع من المتهم ان يخرج لسانه بشكل واضح أمام الجميع للتأكد من أثر النيران على لسانه وهنا يصرخ المبشع بالحاله ان كان متهمآ او بريئآ.. فان كان بريئآ يقوم الحضور بتهنئته وبامكانه ان يطالب بمحكمه عرفيه اخرى ولكن مع قاضي عرفي آخر للحصول على التعويض بسبب الأدعاء الكاذب , اما اذا كان مذنبآ فيعقد له مجلس عرفي آخر حيث تعقد عن ثلاث قضاه عرفيين لأصدار أحكام قد تصل لمبالغ خياليه, فالبشعه حقيقه لا يمكن انكارها وتشاهد بالعين المجرده وليست شعوذه او ضربآ من الخيال وأقرب تفسير علمي لها يقول الخبراء من القضاه في هذا المجال هو ان المتهم من شدة خوفه وارتباكه يجف لعابه فاذا ما لامست الاداه الساخنه( الطاسه) لسانه لصقت به واحدثت به أثرآ باديآ للعيان اما البريء المطمئن لبرائتة فان لعابه يحول دون التصاق الطاسه به شرط الا تستمر الملامسة اكثر من اللازم وهنا تظهر المهارة الخاصة بالمبشع والموضوع نفسي اكثر من أي شيء آخر.
المبشـع :-
يعد المبشع في العرف القبلي قاضياً بل أكبر القضاة فعن طريقه تحسم القضايا العسرة ومهنة المبشع وراثية تحتكرها قبائل معينة، وداخل القبيلة عشيرة معينة وجرت العادة أن يكون المبشع من ( رجال الدين ) لأنها في معتقد القبليين جانب روحي وديني, ويعتبرونه من الصالحين، الأتقياء، ويؤمنون بصحة أقواله، وصدق نبؤاته وتعقد البشعة في بيت المبشع، أو على مقربة منه، فالخصوم هم الذين ينتقلون إلى حيث يقيم المبشع مهما طال السفر في الغالب، ونفقات البشعة يتحملها الطرف الخاسر .
كيفية الإلتجاء إلى البشعة :-
قد يتخذ المبادرة للإلتجاء إلى البشعة أحد الطرفين المتخاصمين وقد تصدر المبادرة من القاضي الذي ينظر في الخصومة وقد تكون من الرجل نفسه الذي تدور حوله الشكوك، عندما يكون على يقين من براءته، حتى يتجنب انتقام المجني عليه، فيبدي استعداده للخضوع للبشعة، في هذه الحالة لا يجوز للطرف الثاني رفض عرضه .
إجراءات البشعة :-
1- الاستماع لعرض تفاصيل القضية من الطرفين .
2- الاستماع للشـهـود .
3- تلاوة تفاصيل الموضوع من قبل المبشع ليقنع الحضور بأنه على وعي تام بعناصر الموضوعمحل النزاع .
4- حث الطرفين على عدم المضي في إجـراءات البشعة وأنه من الأفضل الإتفاق ودياً وعلى المتهم الإعتراف إن كان مذنباً مع إن الحل الودي سيحرم المبشع من أجرته إلا إنه يطرحه عليهم بشكل جدي .
5- إذا فشلت المساعي الودية : يقدم كل من المتخاصمين كفيلاً يضمن تنفيذ ما يلزمه المكفول فكفيل المدعي يتعهد بامتناع المدعي عن الإنتقام من المدعى عليه إذا أدين، وكفيل المدعى عليه يتعهد بأداء ما يفرضه العرف عليه إذا أدين .
6- لحس النار .
ينظر للبشعة بنظرتين :-
أ- النظرة التقليدية :-
1- الاعتقاد في الطابع الغيبي، فيرون فيها نوعاً من الكهانة، ويرون في النار نوعاً من الكائنات الخارقة واعتقادهم فيها ( أن النار لا تضر البرئ ) ( وأنا أعتقد والله أعلم إنها مستمدة من موقف نبي الله إبراهيم عليه السلام حينما ألقي في النار، وأمر الله النار أن تكون برداً وسلاماً على ابراهيم )
2- اعتقاد البدو أن الله سبحانه وتعالى ثم الملائكة وراء نتيجة البشعة .

ب – النظرية العلمية :-
1- نتيجة البشعة تتوقف على إرادة المبشع : فهو يتحكم في مدة مس النار للمتهم، فيطيل أو يقصر المدة حسب قناعته الشخصية ببراءة المتهم أو إدانته .
2- نتيجة البشعة تتوقف على ردة فعل المتهم، فإن كان مذنباً جف ريقه، وأثرت النار في لسانه، وإلا فلا .
مدى شيوع البشعة ومصيرها : -
كانت شائعة في تاريخ القبائل العربية ومعروفة في أرجاء الجزيرة العربية كما في قبائل جنوب فلسطين وقبائل شرق الأردن، وفي الحجاز، وفي سيناء ( ولا زالت ) !!
وتم حظرها في كثير من الدول العربيه كما حدث في الأردن، فقد صدر فيها قانوناً عام 1973م بالمنع منعاً باتاً في اللجوء إليها .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق