(الكرم عند أهل الباديه)
عند ذكر كلمة البادية يتبادر للذهن عادة معنى الصحراء القاحلة الشديدة القسوة، وهي، اذ ذاك، اما سهوب شاسعة جرداء او كثبان رمال متحركة.. لا تكاد ترى فيها للنبات ظلاً ولا تسمع للحياة نفساً الا ما ندر ويطبق على فيافيها الواسعة الصمت لا تقطعه الا اصوات هزيز الرياح!
وحياة البادية رغم بساطتها فى بعض الأمور وقسوتها فى أمور أخرى منشأ الأنبياء والحكماء وملجأ للصالحين والزهاد والعباد
ولفضائل البادية والبداوة والبدو فقد كان الخلفاء والأمراء فى عصور الحضارة الإسلامية يدفعون بأبنائهم إلى البادية لاكتساب صفات الشجاعة والفروسية وحتى تشتد سواعدهم وتقوى عزائمهم وتأهيلهم لتحمل المشاق والمسئوليات الجسام كما كان الآباء الذين يريدون لأبنائهم أن يكونوا من الشعراء يرسلون أبنائهم إلى البادية لتعلم اللغة ولتستقيم ألسنتهم وتصح مترادفاتهم وتصفوا قرائحهم
وتأهيلهم لتحمل المشاق والمسئوليات الجسام
الباديه لا يعيش فيها الجبــان العاجز لان الصراع فيها مستمر الا الشجاع المقدام اخو غمرات صبار على النكبــات ضحاك في الملمات ابن الشمس صديق الرمال خوي الجوع والعطش
الحياة في الصحراء ذات مذاق خاص لايعرفه الااهلها فتبر الرمال الاصفر وزمرد السماء الازرق عندما يتحدان عند خط الافق لايميز الناظر ايهما يغرق في لجة الاخر .فالموج الرملي علم الانسان كيف يبحر وكيف يشعر وكيف يحب وكيف يفيض وفاء وحنينا وكيف يستخدم حواسه الكامنة في الاهتداء بالنجم / تتبع الاثر / تحسس النوايا للتفريق بين صديق وعدو فنجد البدوي فارسا لايشق له غبار وسيفا على رقبة المعتدي ..ضربة بتار ..شهم في موطن الشهامة ..وعفيف في موطن العفة .. ذلك الفارس على ظهر جواد يطارد ظباء المها او المرتحل من غيداء الى بطحاء موطنه منابع الماء حيث ينيخ رحاله ومرحبا بالضيف في شمم واباء باذلا نفسه في سخاء . البدوي حينما ارتاى ان جزيرته العربية لم تعد حدودا كافية لمراتع عيره زرع الارض رحيلا عاهدا على نفسه قطع المهاد والقفار شرقا وغربا فكان بلسما وعطرا .ولمن اراد النزال سما وسعرا
وأهل الباديه لهم صفات مميزة وتعبيرات توحي بالشهامة والرجولة والنخوة العربية الاصيلة, الكرم واحترام العهد والصبر وتحمل الشدائد والتآلف والتراحم والترابط عند الازمات صفاتهم انهم اهل البدو, سكان الصحراء
ترتبط حياة أهل البادية الاجتماعية بحياتهم الاقتصادية ، وظروف البيئة الطبيعية التي يعايشونها.
ويتعامل ابن البادية مع الطبيعة بصبر وقوة ، فيتحمل حرارة الشمس المحرقة في فصل الصيف نهارا ، كما يلعب القمر دورا أساسيا في إلهاماته الفكرية والفنية ، فالقمر في الليالي المظلمة هو أنيسه ورفيقه.
ومجتمع البادية يحافظ على تقاليده وعاداته أشد المحافظة ، كما يتمسك بمعتقداته الاجتماعية والدينية.
ويعيش أبناء القبيلة في تجمعات أسرية متقاربة من بعضها للتعاون في العمل والدفاع المشترك عن أبناء القبيلة.
والقبيلة في البداية ، مظهر من مظاهر الائتلاف الاجتماعي وهي عبارة عن عدة فروع يجمعها الانتساب إلى جد واحد ، ويتفرع النسب الواحد إلى عدة فروع يتكون كل منها من آلاف الأفراد ، وتسمى الفروع بالبطون والأفخاذ والعشائر.
ودرجت العادة ايضا على القول ان الترحال والتنقل الدائم بحثا عن الماء والكلأ هي السمات الرئيسية المميزة لسكانها الذين يسمون البدو الرحل. ولكن بادية بئر السبع تختلف اختلافآ كليآ عن باقي الصحاري العربيه حيث تتوفر بها مقومات الحياه من مراعي وماء ...الخ
وتعد صفات الكرم والنخوة والضيافة بعضاً من صفات البدوي الاصيل، بيد ان الكرم عند البدو لا يتمثل في عادات ولائم البذخ والاسراف التي يقيمها بعض أغنياء المدن طمعاً في منزلة اجتماعية لا يملكونها او ابتغاء خصال يفتقرون الى مقوماتها، وانما هي الاستعداد الفطري للفقير لتقديم آخر وجبة طعام يملكها لضيف حل عليه أو التخلي عن آخر ما يمتلكه لاغاثة محتاج. بينما تتجلى صفة النخوة في حماية الضعيف ونجدة المستغيث. ويتجسد خلق الضيافة في ابسط صوره: بتقديم التمر والقهوة العربية ، التي تعد اكثر من مجرد شراب وانما هي تعبير عن دفء الترحيب.
ولشبّة النار عند العرب معان سامية ونبيلة فهم يوقدونها ليلا للتدفئة والطبخ وعمل القهوة ولإهتداء ابن السبيل وجلب الضيفان
وعندما يُهجى أحدهم يقال له ( يا طافي الضو , ميــــت النار ) او الله يطفي ضوّك (الله يذبح نارك).. أو ناره رماد .
والكرم عند العرب من القيم التي يحرصون عليها ورمز الكرم عندهم بالدرجة الاولى شبة النار والقهوة ومسامرة الضيف
من عادات أهل البادية بشكل عام
الضيافة عند البدو أمر عظيم لا يفوقها أي أمر آخر، وإكرام الضيف هي الصفة الملازمة لأهل البادية، وهي إحدى أركان عاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها.
فللضيف مكانة عظيمة في نفس البدو لا يتوانون في تقديم له حقه من الضيافة وذلك متى ما دخل في مضربهم وحل في حماهم.
ولاشك إن كرم الضيافة طبع أصيل تميز به العرب عن غيرهم من باقي الأمم. والضيف عند البدو هو الشخص إذا وفد الى موضع غير موضعه أو الجماعة إذا حلو عند جماعة أخرى ويسمون (فريق أو قطراء). ويقدم للضيف حق الضيافة حتى لو كان عدواً مادام انه نزل أو دخل بيت مضيفه لأن من دخل البيت فقد أمن على نفسه وخاصة إذا تناول طعاماً أو شراباً فيصبح في مأمن ولو كان في وكر عدوه.
ومن مسميات الضيف عند البادية (المسايير) ومفردها (مسير) بتشديد الياء والمعزب هو المضيف صاحب البيت، وجمع معزب معازيب وهم أصحاب البيت وأهله، فالضيف عند نزوله في بيت مضيفه (المعزب) يكون ضيفاً على كافة أفراد البيت فالجميع يهتمون بأمره كل حسب اختصاصه وواجبه فالرجل صاحب البيت هو المباشر والمسئول الأول عن التنسيق في طريقة الكرم وحقوق الضيف عند نزوله في بيت مضيفه كثيرة يجب الوفاء بها متى ما حل على أصحاب البيت.
وهي مرتبة تسلسلية كالتالي:
- التهلي والترحيب.
- ربط الراحلة.
- تقديم الفراش.
- تقديم علف للراحلة.
- تقديم الطعام للضيف.
- توفير الراحة له.
- إكرامه إكراما تاماً كتلبية الطلب وقبول الاستجارة والدخالة والطنابة.
- حمايته.
فالضيف متى ما قدم على صاحب البيت يستقبل بالحفاوة والترحيب وفي ذلك قالت البدو في الضيف "إذا اقبل أمير وإذا جلس أسير وإذا قام شاعر".
ومعنى ذلك انه يجب على المضيف أن يستقبل ضيفه بالحفاوة اللازمة والترحيب الحار على قدومه وإظهار الوجه البشوش والفرح لمقدمه وهو يتساوى في ذلك بمنزلة الأمراء.
وإذا جلس أسير أي أسير لمعازيبه أصحاب البيت لا يستطيع أن يعمل أي شيء إلا بإذنهم فلا يخرج إلا عند سماحهم له ولا يستطيع أن يمنعهم في تأديتهم الواجب له من كرم الضيافة.
وإذا قام شاعر أي عند ذهابه سيذكر أصحاب البيت بما قدموا له من إكرام وتقدير أو العكس.
وقد اقترن الكرم بالقهوة التي تكون أول ما يقدم للضيف والتي يقوم بإعدادها صاحب البيت ويقدم له الطعام ساعة حضوره حتى لو كان في وقت متأخر وهي عادة جرت في البادية وهو من طعام البيت الحاضر في تلك الساعة وكما يقال (الجود من الموجود) وبعدها في الوجبة التالية يتم عمل وليمة يدعى لها الجيران والبدوي مهما بالغ في إكرام ضيفه في الطعام والشراب فإنه يعتذر عن التقصير حتى لو لم يكن هناك تقصير فكثيراً ما يتردد على ألسنتهم عند تقديم الطعام في الوليمة وغيرها مقولة (اعذرنا عن القصور) والاعتذار من مكملات آداب الضيافة حتى لا يقع الحرج في النفوس من الطرفين ومن القواعد السلوكية المتبعة في تقديم الطعام من وليمة أو غيرها. أولا يقدم الضيف الى المائدة ومعه كبار السن ولا يبدأون بالأكل إلا بعد السماح لهم بذلك من المضيف (المعزب) بقوله سمّوبالرحمن على واجبكم (أي قولو بسم الله) مع كلمات الترحيب بالضيف والحضور.. وهناك عدة أمور يجب التنبه لها من قبل الضيف ومن معه على الطعام وهي مواضع انتقاد وتدخل في الأمور المعابة أو العيب وهي:
- إذا تناول الطعام قبل الضيف.
- إذا أشرك يده اليسار بالطعام.
- إذا الشخص (عرش) العظم أمام المحيطين به.
- إذا مسح يده في طرف الصحن.
- إذا أعاد ما تناوله من الصحن الى الصحن.
- إذا تناول الشخص الطعام من أمام غيره.
- إذا نهض الشخص قبل نهوض الضيف من والى الطعام.
فكل ما سبق مواضع نقد عند البادية ولا يزال معمول بها حتى الوقت الحالي.
ومن الأعراف البدوية انه لا يجوز للضيف تناول وجبتين من الطعام في الفترة المعروفة للطعام. فمثلاً لو تناول الضيف وجبة غداء عن مضيفه عليه أن لا يتناول غيرها عند مضيف آخر قبل غروب الشمس، لابد في ذلك إساءة للمضيف الأول حيث يتهم بأنه لم يشبع ضيفه أو انه لم يقدم له شيئاً من الطعام فإذا علم المضيف الأول بمخالفة ضيفه يستطيع أن يقاضيه بذلك لأن فيها إساءة كبيرة بحقه ويستبعد من الوجبة الحليب وتسمى هذه الوجبة (الوجبة المحرمة).
ويعرف البدو صاحب البيت الكريم بعدة علامات يستدلون فيها على كرمه ومنها:
1- كثرة العظام حول البيت وهو دليل على كرم صاحبه ويقال (دار الكرام ما تخلى من العظام).
2- الدهن على الرفة: والرفة هي نهاية الشقاق والشقاق هو طرف بيت الشعر فمن عادات البدو مسح أياديهم بالرفة بعد الأكل.
3- كثرة الجواعد المفروشة والجواعد هي الجلود التي تصنعها البدويات من جلود الذبائح بعد وضع الملح عليها لتجف رطوبتها فكثرتها عند البيت دليل على كرم أصحابه.
ومن آداب الضيافة البدوية أن يحدث المضيف ضيوفه بما تميل إليه نفوسهم من خلال ما يستشف من خواطرهم. ومن اللطف أن لا يشكو الزمن والفقر ولا حتى المرض أمامهم لأن في ذلك وقع غير محمود في نفوس الضيوف.
ومن الأدب أن لا ينعس ولا يتثاءب أمامهم. وعليه أن لا يرفع صوته بغضب في أثناء وجود الضيوف على أحد أفراد بيته.
عند ذكر كلمة البادية يتبادر للذهن عادة معنى الصحراء القاحلة الشديدة القسوة، وهي، اذ ذاك، اما سهوب شاسعة جرداء او كثبان رمال متحركة.. لا تكاد ترى فيها للنبات ظلاً ولا تسمع للحياة نفساً الا ما ندر ويطبق على فيافيها الواسعة الصمت لا تقطعه الا اصوات هزيز الرياح!
وحياة البادية رغم بساطتها فى بعض الأمور وقسوتها فى أمور أخرى منشأ الأنبياء والحكماء وملجأ للصالحين والزهاد والعباد
ولفضائل البادية والبداوة والبدو فقد كان الخلفاء والأمراء فى عصور الحضارة الإسلامية يدفعون بأبنائهم إلى البادية لاكتساب صفات الشجاعة والفروسية وحتى تشتد سواعدهم وتقوى عزائمهم وتأهيلهم لتحمل المشاق والمسئوليات الجسام كما كان الآباء الذين يريدون لأبنائهم أن يكونوا من الشعراء يرسلون أبنائهم إلى البادية لتعلم اللغة ولتستقيم ألسنتهم وتصح مترادفاتهم وتصفوا قرائحهم
وتأهيلهم لتحمل المشاق والمسئوليات الجسام
الباديه لا يعيش فيها الجبــان العاجز لان الصراع فيها مستمر الا الشجاع المقدام اخو غمرات صبار على النكبــات ضحاك في الملمات ابن الشمس صديق الرمال خوي الجوع والعطش
الحياة في الصحراء ذات مذاق خاص لايعرفه الااهلها فتبر الرمال الاصفر وزمرد السماء الازرق عندما يتحدان عند خط الافق لايميز الناظر ايهما يغرق في لجة الاخر .فالموج الرملي علم الانسان كيف يبحر وكيف يشعر وكيف يحب وكيف يفيض وفاء وحنينا وكيف يستخدم حواسه الكامنة في الاهتداء بالنجم / تتبع الاثر / تحسس النوايا للتفريق بين صديق وعدو فنجد البدوي فارسا لايشق له غبار وسيفا على رقبة المعتدي ..ضربة بتار ..شهم في موطن الشهامة ..وعفيف في موطن العفة .. ذلك الفارس على ظهر جواد يطارد ظباء المها او المرتحل من غيداء الى بطحاء موطنه منابع الماء حيث ينيخ رحاله ومرحبا بالضيف في شمم واباء باذلا نفسه في سخاء . البدوي حينما ارتاى ان جزيرته العربية لم تعد حدودا كافية لمراتع عيره زرع الارض رحيلا عاهدا على نفسه قطع المهاد والقفار شرقا وغربا فكان بلسما وعطرا .ولمن اراد النزال سما وسعرا
وأهل الباديه لهم صفات مميزة وتعبيرات توحي بالشهامة والرجولة والنخوة العربية الاصيلة, الكرم واحترام العهد والصبر وتحمل الشدائد والتآلف والتراحم والترابط عند الازمات صفاتهم انهم اهل البدو, سكان الصحراء
ترتبط حياة أهل البادية الاجتماعية بحياتهم الاقتصادية ، وظروف البيئة الطبيعية التي يعايشونها.
ويتعامل ابن البادية مع الطبيعة بصبر وقوة ، فيتحمل حرارة الشمس المحرقة في فصل الصيف نهارا ، كما يلعب القمر دورا أساسيا في إلهاماته الفكرية والفنية ، فالقمر في الليالي المظلمة هو أنيسه ورفيقه.
ومجتمع البادية يحافظ على تقاليده وعاداته أشد المحافظة ، كما يتمسك بمعتقداته الاجتماعية والدينية.
ويعيش أبناء القبيلة في تجمعات أسرية متقاربة من بعضها للتعاون في العمل والدفاع المشترك عن أبناء القبيلة.
والقبيلة في البداية ، مظهر من مظاهر الائتلاف الاجتماعي وهي عبارة عن عدة فروع يجمعها الانتساب إلى جد واحد ، ويتفرع النسب الواحد إلى عدة فروع يتكون كل منها من آلاف الأفراد ، وتسمى الفروع بالبطون والأفخاذ والعشائر.
ودرجت العادة ايضا على القول ان الترحال والتنقل الدائم بحثا عن الماء والكلأ هي السمات الرئيسية المميزة لسكانها الذين يسمون البدو الرحل. ولكن بادية بئر السبع تختلف اختلافآ كليآ عن باقي الصحاري العربيه حيث تتوفر بها مقومات الحياه من مراعي وماء ...الخ
وتعد صفات الكرم والنخوة والضيافة بعضاً من صفات البدوي الاصيل، بيد ان الكرم عند البدو لا يتمثل في عادات ولائم البذخ والاسراف التي يقيمها بعض أغنياء المدن طمعاً في منزلة اجتماعية لا يملكونها او ابتغاء خصال يفتقرون الى مقوماتها، وانما هي الاستعداد الفطري للفقير لتقديم آخر وجبة طعام يملكها لضيف حل عليه أو التخلي عن آخر ما يمتلكه لاغاثة محتاج. بينما تتجلى صفة النخوة في حماية الضعيف ونجدة المستغيث. ويتجسد خلق الضيافة في ابسط صوره: بتقديم التمر والقهوة العربية ، التي تعد اكثر من مجرد شراب وانما هي تعبير عن دفء الترحيب.
ولشبّة النار عند العرب معان سامية ونبيلة فهم يوقدونها ليلا للتدفئة والطبخ وعمل القهوة ولإهتداء ابن السبيل وجلب الضيفان
وعندما يُهجى أحدهم يقال له ( يا طافي الضو , ميــــت النار ) او الله يطفي ضوّك (الله يذبح نارك).. أو ناره رماد .
والكرم عند العرب من القيم التي يحرصون عليها ورمز الكرم عندهم بالدرجة الاولى شبة النار والقهوة ومسامرة الضيف
من عادات أهل البادية بشكل عام
الضيافة عند البدو أمر عظيم لا يفوقها أي أمر آخر، وإكرام الضيف هي الصفة الملازمة لأهل البادية، وهي إحدى أركان عاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها.
فللضيف مكانة عظيمة في نفس البدو لا يتوانون في تقديم له حقه من الضيافة وذلك متى ما دخل في مضربهم وحل في حماهم.
ولاشك إن كرم الضيافة طبع أصيل تميز به العرب عن غيرهم من باقي الأمم. والضيف عند البدو هو الشخص إذا وفد الى موضع غير موضعه أو الجماعة إذا حلو عند جماعة أخرى ويسمون (فريق أو قطراء). ويقدم للضيف حق الضيافة حتى لو كان عدواً مادام انه نزل أو دخل بيت مضيفه لأن من دخل البيت فقد أمن على نفسه وخاصة إذا تناول طعاماً أو شراباً فيصبح في مأمن ولو كان في وكر عدوه.
ومن مسميات الضيف عند البادية (المسايير) ومفردها (مسير) بتشديد الياء والمعزب هو المضيف صاحب البيت، وجمع معزب معازيب وهم أصحاب البيت وأهله، فالضيف عند نزوله في بيت مضيفه (المعزب) يكون ضيفاً على كافة أفراد البيت فالجميع يهتمون بأمره كل حسب اختصاصه وواجبه فالرجل صاحب البيت هو المباشر والمسئول الأول عن التنسيق في طريقة الكرم وحقوق الضيف عند نزوله في بيت مضيفه كثيرة يجب الوفاء بها متى ما حل على أصحاب البيت.
وهي مرتبة تسلسلية كالتالي:
- التهلي والترحيب.
- ربط الراحلة.
- تقديم الفراش.
- تقديم علف للراحلة.
- تقديم الطعام للضيف.
- توفير الراحة له.
- إكرامه إكراما تاماً كتلبية الطلب وقبول الاستجارة والدخالة والطنابة.
- حمايته.
فالضيف متى ما قدم على صاحب البيت يستقبل بالحفاوة والترحيب وفي ذلك قالت البدو في الضيف "إذا اقبل أمير وإذا جلس أسير وإذا قام شاعر".
ومعنى ذلك انه يجب على المضيف أن يستقبل ضيفه بالحفاوة اللازمة والترحيب الحار على قدومه وإظهار الوجه البشوش والفرح لمقدمه وهو يتساوى في ذلك بمنزلة الأمراء.
وإذا جلس أسير أي أسير لمعازيبه أصحاب البيت لا يستطيع أن يعمل أي شيء إلا بإذنهم فلا يخرج إلا عند سماحهم له ولا يستطيع أن يمنعهم في تأديتهم الواجب له من كرم الضيافة.
وإذا قام شاعر أي عند ذهابه سيذكر أصحاب البيت بما قدموا له من إكرام وتقدير أو العكس.
وقد اقترن الكرم بالقهوة التي تكون أول ما يقدم للضيف والتي يقوم بإعدادها صاحب البيت ويقدم له الطعام ساعة حضوره حتى لو كان في وقت متأخر وهي عادة جرت في البادية وهو من طعام البيت الحاضر في تلك الساعة وكما يقال (الجود من الموجود) وبعدها في الوجبة التالية يتم عمل وليمة يدعى لها الجيران والبدوي مهما بالغ في إكرام ضيفه في الطعام والشراب فإنه يعتذر عن التقصير حتى لو لم يكن هناك تقصير فكثيراً ما يتردد على ألسنتهم عند تقديم الطعام في الوليمة وغيرها مقولة (اعذرنا عن القصور) والاعتذار من مكملات آداب الضيافة حتى لا يقع الحرج في النفوس من الطرفين ومن القواعد السلوكية المتبعة في تقديم الطعام من وليمة أو غيرها. أولا يقدم الضيف الى المائدة ومعه كبار السن ولا يبدأون بالأكل إلا بعد السماح لهم بذلك من المضيف (المعزب) بقوله سمّوبالرحمن على واجبكم (أي قولو بسم الله) مع كلمات الترحيب بالضيف والحضور.. وهناك عدة أمور يجب التنبه لها من قبل الضيف ومن معه على الطعام وهي مواضع انتقاد وتدخل في الأمور المعابة أو العيب وهي:
- إذا تناول الطعام قبل الضيف.
- إذا أشرك يده اليسار بالطعام.
- إذا الشخص (عرش) العظم أمام المحيطين به.
- إذا مسح يده في طرف الصحن.
- إذا أعاد ما تناوله من الصحن الى الصحن.
- إذا تناول الشخص الطعام من أمام غيره.
- إذا نهض الشخص قبل نهوض الضيف من والى الطعام.
فكل ما سبق مواضع نقد عند البادية ولا يزال معمول بها حتى الوقت الحالي.
ومن الأعراف البدوية انه لا يجوز للضيف تناول وجبتين من الطعام في الفترة المعروفة للطعام. فمثلاً لو تناول الضيف وجبة غداء عن مضيفه عليه أن لا يتناول غيرها عند مضيف آخر قبل غروب الشمس، لابد في ذلك إساءة للمضيف الأول حيث يتهم بأنه لم يشبع ضيفه أو انه لم يقدم له شيئاً من الطعام فإذا علم المضيف الأول بمخالفة ضيفه يستطيع أن يقاضيه بذلك لأن فيها إساءة كبيرة بحقه ويستبعد من الوجبة الحليب وتسمى هذه الوجبة (الوجبة المحرمة).
ويعرف البدو صاحب البيت الكريم بعدة علامات يستدلون فيها على كرمه ومنها:
1- كثرة العظام حول البيت وهو دليل على كرم صاحبه ويقال (دار الكرام ما تخلى من العظام).
2- الدهن على الرفة: والرفة هي نهاية الشقاق والشقاق هو طرف بيت الشعر فمن عادات البدو مسح أياديهم بالرفة بعد الأكل.
3- كثرة الجواعد المفروشة والجواعد هي الجلود التي تصنعها البدويات من جلود الذبائح بعد وضع الملح عليها لتجف رطوبتها فكثرتها عند البيت دليل على كرم أصحابه.
ومن آداب الضيافة البدوية أن يحدث المضيف ضيوفه بما تميل إليه نفوسهم من خلال ما يستشف من خواطرهم. ومن اللطف أن لا يشكو الزمن والفقر ولا حتى المرض أمامهم لأن في ذلك وقع غير محمود في نفوس الضيوف.
ومن الأدب أن لا ينعس ولا يتثاءب أمامهم. وعليه أن لا يرفع صوته بغضب في أثناء وجود الضيوف على أحد أفراد بيته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق