الزواج عند بدو القطر المصري في القرن التاسع عشر الجزء الأول - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

الزواج عند بدو القطر المصري في القرن التاسع عشر الجزء الأول

الزواج عند بدو القطر المصري في القرن التاسع عشر : 
يسمون الزواج " التبييت " بمعنى أن يكون المتزوج ذا بيت خاص به , فإذا كان له أب سكن بمعزل عنه في بيت على حدته ويظهر ان الذي يضطرهم لذلك ان بيوتهم التي هي من الشعر لا تسع غير عائلة واحدة , ولا يجوز في ادابهم مطلقاً ان يذكر الولد امام ابيه لفظ الزواج ولو عرضاً في أثناء الحديث وإذا تكلم في هذا الموضوع شخص آخر وكان الولد حاضراً فر هارباً من شدة الخجل , وقد يبالغ الولد في خجله من الزواج حتى بعد زواجه فينستر من والده بعد الزفاف مدة طويلة حتى يتوسط بينهما وسيط يرفع عن الولد حجاب الخجل بمناسبة لطيفة . ومتى رزق الولد بمولود يخجل ان يراه والده وهو يحمله او يداعبه وبالاختصار فإن الخجل عندهم من الزواج بالغاً حده حتى يستنكف المتزوج منهم ان يذكر امام والده اسم زوجته او شيئاً يختص بها في شأن من الشؤون واذا اضطر لذكر شيء من هذا القبيل عبر عنها بالبنت فيقول البنت قالت أو فعلت .. الخ ونظراً للخجل من امر الزواج فإن الولد متى شعر باحتياجه اليه ووجد من ابيه تغاضياً عنه وسط في الأمر بعض ذوي قرباه بشرط أن يكون كلامهم مع والده غير مسند اليه بل يجعلونه من عند انفسهم ومقترحاتهم فيععللون لزومه ببعض الاسباب , وقد تصبو نفس الولد الى بعض الفتيات اما عن حب متبادل بينهما أو لسبب آخر فمتى رضي أبوه بزواجه  اوعز اليه على يد الوسيط في تلك الرغبة بعبارة لا يفهم منها شيء عن الحب بل يقول الوسيط مثلاً اني أرى فلاناً يليق بمصاهرتكم لمميزات خصوصية يذكرها ليبرهن عن استحسان الارتباط بينهما بالزواج فاذا وافق الوالد على ذلك ولم يمنعه عدم التكافؤ في الحسب او المال او السمعة بادر الى استطلاع اميال أهل العروس بواسطة بعض أصدقائه ومتى تحقق قبولهم مصاهرته اصطحب بعض معارفه وأخذوا معهم شاة او عدة أشياء بحسب المقدرة لكي يذبحوها هناك متى تمت الخطبة ويقولون حينئذِ ( فلان ذبح في بنت فلان ) أي تمت الخطبة بينهما , وقاعدة الصداق عندهم شيء يقال له سوار اللبن ويبلغ قدره خمسة وعشرون ريالاً في المتوسط تدفع لأم العروس بمثابة مكافأتها على ارضاعها العروس ولذلك يسمونه " سوار اللبن " أي قيمة اساور تتحلى بهم أم العروس بدل ارضاعها ابنتها , فيفرض الصداق بقدر عشرين ضعف السوار المذكور الى ثلاثين ضعفاً حتى اذا رضي والد العروس او وليها بادر بعض من حضر مع والد الخاطب فقال وكم تترك من ذلك اكراماً لخاطري فيجيبه اترك لك كذا فيقول ايضاً وكم تترك لاجل خاطري انا فيقول كذا وهكذا حتى لا يبقى من أصل المبلغ المفروض سوى النصف أو الثلث وقد يكون والد العروس محتاطاً لتلافي ما ينقص من المهر بحكم هذه العادة بالاكثار في مبدأ الأمر من مطالبه بقيمة الصداق حتى اذا اضطر لترك شيء منه بالطريقة التي تقدمت يبقى له ما يفي بمهر ابنته . فإذا تقرر بعد ذلك ان الصداق مايتا ريال مثلاً كان المعجل دفعه الثلثين فإذا كان هناك نقود دفعت في الحال واذا اراد والد الخاطب ان يؤدي الصداق غنماً او ماشية ثمنها الحاضرون بأعلى قيمة تباع بها فإذا بقي شيء من المعجل بعد ذلك تحكم العادة عندهم بدفعه بعد الزفاف ببضعة أيام اذ تحضر العروس لزيارة والدها ومعها الباقي والصداق وكسوة له وهدية يسمونها " الزورة "أو الزيارة , والمبلغ المدفوع والصداق يكون في الغالب لوالد المخطوبة خاصة ولا سيما اذا كان فقير الحال وقد لا يصرف منه شيئاً في لوازمها لان والد الخاطب يجب عليه قبل الزفاف ان يتوجه مع والدها الى السوق فيشتري ما يلزم للخطوبة من الكسوة والحلي وقد يبلغ ذلك في بعض الاحيان مبلغاً يوازي الصداق المدفوع , والكسوة عبارة عن ملابس نسائية خاصة بهم وعباية من الحرير الاسود وحزام من الحرير المزركش بالقصب قد تبلغ قيمته أربعة جنيهات فأكثر , والحلي هي الأساور ويسمونها " الدملج " والقرط ويسمونه " العلايق أو الخرص " وهو شيء يعلق في الآذان أيضاً والحوافر وهو شيء يعلق في الرقبة , فصداق العروس عندهم يدفع على ثلاث دفعات الأولى " سوار اللبن " الذي تأخذه امها والثاني معجل " الصداق " الذي يأخذه والدها ثم الكسوة التي يقدمها العريس , وعندما يأخذون العروس للزفاف اذا لم يذبح والدها لمن يحضر ذبائح الأكل فإن والدها يرسل معها تلك الذبائح حية ويسمونها " الوشاحة " وقد ينقلون العروس اذا كانت بعيدة الوطن ومحل زوجها على جمل وفوقه هودج يسمونه " الكرمود " ومتى وصلت الى بيت زوجها فإن كانت بكراً يدار بالجمل سبع دورات حول الخباء الذي ستزف فيه أما الثيب فالاكثرون لا يرون لزوماً لدورة الجمل وبعضهم يدور ثلاث مرات , أما الزفاف فإنه يكون بالنهار عادة وقد يدخل العريس على عروسه وهو مدجج بالسلاح لكي يضرب عيارين عقب ذلك اشارة الى انه وجدها بكراً , فمتى اطلقت العيارات استعد اغلب الحاضرين ببنادقهم ليطلقوها عند خروج العريس خارجاً من الخباء وبعضهم يصوب العيار نحوه على سبيل المزاح وربما احرق بعض ملابسه , وبعد الفراغ من الزفاف يقف ثلاثة رجال امام الخباء وثلاثة خلفه ويتقاذفون خروفاً يلتقفه كل فريق منهم ثلاث دفعات وفي الثالثة يذبحونه طعاماً لاصدقاء العريس , وأما حفلة الفرح وما يتعلق بها من اقامة " الدحية " فلها فصل خاص .( اسماعيل بن عياد الترباني ) 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق