ودائع مطوية من مفاخر العرب - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

السبت، 18 يونيو 2016

ودائع مطوية من مفاخر العرب


[ ودائع مطوية من مفاخر العرب ] 

تطالعنا موسوعات التاريخ تالداً وطارقاً بنماذج رائعة وطرائف لامعة  جديرة بالزهو والأعجاب  عن وفاء العربي بعهده وايثاره الموت والتهلكة .. على أن تخفر ذمته وتسود رايته وتسير قصته سير المثل .. يتناقلها الركبان من حي لحي ويتنادر بها سحار الليل ويتفاكهون بها في مضاربهم واحيائهم .. فيغدو حديث المجالس ومضغة الافواه عندها يفضل الف مرة ان يحفر قبره بيده ويرجم نفسه بحجارة من سجيل .. على ان يحيا حياة يلابسها الذل ويخالطها سوء الصيت وموسوعات التاريخ وكتب الأدب حافلة بمثل هذا اللون من الاقاصيص المتراقصة التي تسم في تضاعيفها وتساوق حوادثها عما كان عليه السلف من الوفاء بالعهد والبر بالوعد وها نحن اليوم ندفع بأربع صور في عجالتنا هذه للتدليل على خصب الوفاء العربي هذه الصفة التي امتاز بها العرب على سائر شعوب العالم في عصر لن تطغ فيه موجة المادة طغيانها في هذا العصر الذي صارت فيه المعاهدات الدولية بضاعة مزجاة وقصاصات من الورق (1): امرؤ القيس والسموأل : فمن عرف بالوفاء السموأل بن عاديا الذي استودعه امرؤ القيس طائفة من الاسلحة والعتاد , وسافر الى بلاد الروم ومات فيها مسموماً ولما سمع ملك كندة بموت امرىء القيس بعث الى السموأل يطلب اليه ان يسلمه الودائع فأبى وقال لرسوله : " لا أغدر بذمتي ولا اترك الوفاء الواجب علي " عندها جرد الملك عليه حملة فأعتصم السموأل بحصنه وكان ابنه خارج الحصن فوقع بين يدي الملك وجنده فقال الملك : ( يا سموأل اتسلمني الودائع أم اذبح ولدك ! ) فأجابه بقوله : " ما كنت لاخفر ذمامي وأبطل وفائي الواجب علي فأفعل ما شئت " فذبح الملك الولد والسموأل ينظر اليه من كوة حصنه . (2) : عبد المطلب وأولاده ويحدثنا التاريخ عن عبد المطلب جد النبي العربي الكريم انه ازمع مرة أن يحفر بئر زمزم فمنعته قريش فسكت على دغل ونذر في نفسه لئن ولد له عشرة اولاد يحمونه من قريش لينحرن احدهم لله عند الكعبة وحقق الله امنيته ورزقه عشرة اولاد حموه من قريش فقص عليهم نذره فكان كل واحد منهم يقول : " أنا يا ابتاه .. أنا يا أبتاه .." فأصابت القرعة عبد الله أبا رسول الله فلما هم بنحره قالت قريش : " ماذا تريد يا عبد المطلب !! قال اذبحه قالت : والله لا تذبحه وأشاروا عليه ان تعاد القرعة بين عبد الله وعشرين من الابل وهكذا دواليك الى ان بلغت الابل مائة عندها نحرها عبد المطلب وفاء لنذره (3) : واقعة ذي قار كان العرب المناذرة في العراق خاضعين لملك الفرس فأتفق ان وضع النعمان بن المنذر دروعاً وعتاداً عند هانيء بن مسعود ومات عنها فبعث كسرى اياس بن قبيصة لاسترداد الاموال والودائع فأبى هاني ان يسلمه علقاً منها فجرد كسرى حملة لجيشه والتقت جموع الفرس بشجعان العرب فحملوا عليهم حملة صادقة فأنهزم الفرس على كثرة عددهم وأنتصر العرب انتصاراً باهراً . (4) : وفاء العربي الجليل : ولعل اروع هذه المفاخر واشهر هذه الاقاصيص قصة الاسباني الذي اغمد خنجره في ثدي شاب عربي واطلق ساقيه للريح وكانت نهاية المطاف وخاتمة الالطاف على لغة الحريري في مقاماته , ان ولج الاسباني بستاناً في ضاحية بعيدة ووجد فيه شيخاً مهيب الطلعة قد امسك الابهام ظهره فلجاً اليه واستجار به فأجاره من اذلى لاحقيه وادخله الى مأوى وعلا الصياح فناء البستان ودخل نفر من الناس يحملون القتيل فنظره الشيخ فوجده ابنه واعتقد ان ان ذلك الشاب المستجير به هو قاتل ولده فأمعن الاسى وخزاً وطعناً في قلب الشيخ لكنه كظم الغيض وسكن جأشه حتى دلف الهزيع الاول من الليل فدخل الشيخ على الشاب الاسباني وأخذ يؤمنه ويهدي روعه ويسري عنه طيوف الهم والوحشة ثم خاطبه : " ما كنت لاخفر ذمتي ولكني لا آمن أن يجي قومي فيعملوا بك سكاكينهم ومديهم طعناً , وخزا فخذ مؤونه سفرك وارحل عني والله الباري ولي امري " فهذه اربع صور عن الوفاء العربي. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق