في 2 نوفمبر من كل عام يعم الاضراب العام قضاء بئر السبع وتغلق الحوانيت ابوابها وتتعطل الأعمال وترفع الأعلام السوداء في ذكرى وعد بلفورالمشؤوم ( Balfour Declaration ) وهي الرسالة التي ارسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر سنة 1917م الى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد والتي يشير فيها الى تأييد الحكومة البريطانية انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين فأطلق مناصري القضية الفلسطينية على هذا الوعد عبارة ( وعد من لا يملك لمن لا يستحق ) .
في 2 نوفمبر سنة 1929م في ذكرى الوعد المشؤوم كان الحزن سائداً الاهالي كلها والعربان معاً واتخذت الحكومة احتياطات امنية مشددة ومن عادة الصبية في كل عام القيام بالقرع على التنك ايذاناً ببدء الإضراب ومن يـتأخر في اغلاق حانوته يقومون بالقرع أمام حانوته حتى يتم اغلاقه فيطاردهم رجال البوليس ويتم اعتقال بعضهم وحتى لا يزيد الأحتقان يتم الافراج عنهم وقد هاج هائج البوليس لرؤيتهم الاعلام السوداء الكبيرة المرفوعة في الشوارع وقد كتب عليها " لتحيا الفلسطين العربية وليسقط وعد بلفور الجائر " بأحرف كبيرة فأعتزم مفتش البوليس نزع أحد الأعلام لولا أن سعادة القائمقام عارف العارف أمره بأن لا يمسه واستدعى اليه احد وجوه البلد السيد بيترو طرزي وتذاكر معه في امر انزال الاعلام ثم اتفق الاثنان على ان من الأنسب بقائها مؤقتاً حتى لا نثير العربان فحضر مفتش القضاء المستر " مللر " من الخليل لهذا الأمر وشاهد الأعلام السوداء مرفوعة واحتشاد الاهالي والعربان في الساحة المقابلة لجامع بئر السبع وطلب المستر مللر من الاهالي اختيار وفد لمقابلته لانهاء الاحتقان سلمياً وحين تم اللقاء مع وفد الاهالي ووفد مشايخ بئر السبع حاول أن يلقي بمسؤلية رفع الأعلام على شخص واحد ويطالب بتسليمه ولكن الحاضرين صرخوا بصوت واحد وقالوا له نحن جميعاً من رفع الأعلام فلترفع الدعوى علينا جميعاً وهنا رؤي من الأنسب تهدئة الخواطر بعد ان ساد الهرج والمرج مكان الاجتماع طلب من الحضور الهدوء .. وفي جو هاديء اتفق على أن يقوم بانزال الأعلام م افراد البوليس وليس أحداً من الأهالي وبقيت الأعلام معلقة اكثر من نصف ساعة من حضور المستر " مللر " دون أن يؤتى بما يشعر بمساس عواطف أحد , وابلغ الحضور المستر " مللر " لن يتحقق وعد بلفور وسندافع عن بلادنا وحرمة ديننا بالنفس والنفيس ولن نقبل تحيز حكومة فلسطين للصهيونيين ونطالب بالعدالة وان تنفذ بريطانيا وعودها , وهتفوا بصوت واحد فليسقط وعد بلفور ولتحيا فلسطين عربية , فتفرق الحشد المسلمون لمسجدهم والمسيحيون لكنائسهم وكان المؤذن يؤذن والاجراس تقرع قرعات الحزن ثم جاء الى الكنيسة نيف وعشرون من اعيان المسلمين وحضروا فيها الصلاة عن ارواح الشهداء الذين استشهدوا في الاضطرابات وبعدها ذهب الجميع للجامع حيث قام بينهم كاهن وشيخ خطيبين في بيان الاسباب الجوهرية والطرق السلمية المشروعة للمطالبة بالغاء وعد بلفور المشؤوم , فعم الأضراب العام والاحتجاج بئر السبع لعدم تلبية الحكومة لطلبات اللجنة التنفيذية العربية وارسل اعيان المسلمين والمسيحيين ورؤساء العشائر البرقية التالية الى فخامة المندوب السامي والمجلس الاسلامي الاعلى :
عربان واهالي بئر السبع يرفعون احتجاجاتهم الشديدة طالبين (1) الغاء وعد بلفور المشؤوم وتنفيذ وعد صاحب الجلالة للعرب (2) تنحية بنتوينش وابرامسون باسرع وقت واستبدالهما بنزيهيين (3) كل تغيير جاء على نص الكتاب الأبيض والتعرض لمقدساتنا لا يجعلنا مكتوفي الأيدي فالحكومة مسؤولة امام الله والعالم أجمع عن نتيجة الحوادث والويلات التي تجلبها سياستها الصهيونية الامضاءات : عن الترابين : جدوع الصوفي , وحمد الصانع , وعبد الرزاق ابو ستة , وعبد ربه ابو الحصين واسماعيل أبو ختلة ومحمد أبو عاذرة ودهيش القاضي ومحمد أبو صهيبان .
عن التياها : ابراهيم الصانع , وحسين أبو كف , وجدوع الأعسم عن الحناجرة : سليم السميري وعن العزازمة : سلامة بن سعيد و عيد بن ربيعة وعن الظلام : محمد قبوعة عن التجار : عيسى بسيسو , وشاكر البيطار , عن المسلمين : محمد عبدو وعن الاعيان : محمد حسن الشرفا وعن المسيحيين : بيترو طرزي.
" سيتم نشر المصادر في كتابنا ان شاء الله / اسماعيل بن عياد "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق