صفحة مطوية من تاريخ عربان بئر السبع من سنة 1920-1922م - هنا الترابين

عاجل

مدونة تهتم بتراث وعادات وتقاليد قبيلة الترابين

السبت، 21 مايو 2016

صفحة مطوية من تاريخ عربان بئر السبع من سنة 1920-1922م



في عام 1920م قامت الحكومة العثمانية بتخطيط مدينة بئر السبع واشترك في تخطيطها الدكتور " تادرس " وكان غرض الترك في ذلك تشجيع البدو على الحياة العصرية بديلاً عن حياة الترحال والغزو واعانتهم على التغلب على سوء العيش والإستقرار بدل حياة الترحال فالتجأ ابناء القبائل العربية على زراعة أراضيهم الشاسعة بالحبوب ودبت الحياة في المدينة وفتحت الحوانيت من قبل من جاء للإستثمار في المدينة من اهالي المدن الفلسطينية المجاورة للقصبة كتجار غزة وغيرهم وفي سبيل انعاش مدينة بئر السبع اعفت الحكومة العثمانية الأهالي من ضريبة الأراضي ومنحهم ميزة خاصة في الإعشار , وكثيراً ما كانت تعفيهم من دفعها رغبة منها في استباب الأمن والأستقرار حتى لا تلجأ القبائل للعصيان وغزو قبائل البلدان المجاورة وكان هذا بالتوافق مع مشايخ العربان فعاش البدو آمنين وفي بحبوحة تحسدهم عليها القبائل في الدول المجاورة لأستقرارهم واتساع رقعة الأراضي المزروعة بالشعير والحنطة والذرة وغيرها من المحاصيل فكانت بئر السبع وجهة لجميع عربان الدول المجاورة لتكتال منها الحبوب وكانت غزة مستودع الحبوب في المنطقة ومن مينائها الصغير يتم تصدير الفائض في المراكب للمستهلكين في الدول المجاورة حتى عام 1917م وحين هزم العثمانيين في الحرب الكبرى وانتصار الحلفاء وجاء لفلسطين الإنتداب البريطاني البغيض , توالت على اهالي بئر السبع الشدائد حتى استوفت حكومة الإنتداب ما كانوا معفيين منه زمن العثمانيين مع الفائدة المركبة , فوجهت حكومة الإنتداب البريطانية أول ضرباتها الى بدو قضاء بئر السبع سنة 1920م وهي المعروفة عندهم سنة " الثلجة " فلقد اخصبت اراضيهم فيها ايما خصب واشتطت الحكومة في التعسف بالإعشار ايما اشتطاط حتى انتهت المشادة بين شيوخ القبائل وبين رجال المالية واحتجاجهم على سياسة الجباية فكانت الحوادث الدموية التي شملت كامل قضاء بئر السبع وخروج المشايخ ابراهيم ابو رقيق وحمد الصانع وجدوع الصوفي وغيرهم  على الحكم البريطاني فحدث اقلاق للأمن مدة طويلة امتدت حتى اواخر عام 1921م ثم جاءت سنة 1922م بحوادثها المعروفة من السلب والقتل والاغارة على املاك وثكنات الجيش البريطاني فبرز مصطلح الأشقياء على الوطنيين من أبناء القبائل المناهضين لسياسة الإنتداب , فقطعوا الطرق نكاية بالبوليس والجيش البريطاني وأسرفوا في الجرأة على التعدي وقطع الحدود مع الدول المجاورة فكانت الحكومة عاجزة وهي المسؤلة وحدها عن الاضطلاع برد الأمن المضطرب الى نصابه بما يتوفر لها من قوات , دون الحاجة الى ارهاق الأهالي , ولكن ما فعلته الحكومة كان عكس ذلك فلقد اسرعت من جهتها أيضاً بفرض الغرامات الفادحة على العربان وأقامة مختلف قوات البوليس الأضافي عليهم لقمع العصيان وارهاقهم بشتى الطرق والوسائل وقامت بسجن كثير من المشايخ المعارضين لسياسة الحكومة وكان رئيس بلدية السبع في ذلك العهد الشيخ حماد باشا الصوفي وهو شيخاً من شيوخ بئر السبع , قابل الحاكم الإداري هناك واحتج بلسانه وبلسان مشايخ العربان على ما يرتكبة الجند من القسوة مع النساء وارهاب للأطفال حين مداهمة البيوت للتفتيش عن السلاح وعن مطلقي النار على الجند ورجال البوليس فكان جواب الحاكم على ذلك إن " شيئاً مما ذكر لا يمكن أن يقع في عهد الحكومة الحاضرة " وأضطر الرئيس المحتج أن يستقيل في 20 تموز سنة 1922م ولم يقم منذ ذلك الحين شيخ من البدو على رئاسة البلدية !!. وفرضت الحكومة الغرامات على البدو , كنفقات البوليس الأضافي التي دفعها السكان , جراء انفلات الأمن واستمرار الاضطرابات والأشتباكات العنيفة التي ارهقت قوات البوليس لأتساع رقعة الاضطرابات وكبر مساحة القضاء والحاجة لقوات كبيرة جداً من افراد البوليس والجند , فكانت الحكومة تبتغي من ذلك إجبار البدو على ترك اراضيهم والمهاجرة في انتظار استيطان اليهود ومطمعهم في نصف فلسطين فأصدرت قانوناً يلغي حق البدو في عدم دفع ضريبة الأراضي وزادت رسوم الجمال والمواشي ثم اشتركت الطبيعة مع الحكومة في هذا الإرهاق فمحلت اراضي السبع سنين متتابعة , حتى كنت ترى العربان يرحلون بمواشيهم باتجاه مناطق الشمال ووصل الأمر بالبعض من آثر البقاء أن يقتات بالحشائش على أن يترك ارضه ,  وتوقفت الحركة التجارية في قضاء بئر السبع كلياً , وأصبحت الحالة يرثى لها , ولا عجب اذا تمثلنا بقول الشاعر : دعوت على عمرو فمات فسرني .. فلقيت اقواماً بكيت على عمرو وكان حال بدو السبع مع حكومة الإنتداب البريطانية كما وصفها شاعر عربي آخر : والمستجير بعمرو عند كربته .. كالمستجر بالرمضاء من النار .
____________________________________________________

بالوثائق نقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق 
( التفاصيل والوثائق ستكون في كتابنا إن شاء الله / اسماعيل بن عياد )



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق