في عام 1817م (1230هـ ) كانت غزة تدار من قبل متصرف تركي يدعى ( حسن درويش باشا ) , وكانت القدس يومئذ تابعة له , وبعد حسن درويش باشا أصبحت غزة متسلمية (1) , وكان متسلمها عيسى آغا المشعلجي (2) ومن الولاة الأتراك الذين دانت لهم غزة بالحكم وصار له شأن كبير فيها " عبد الله باشا " وكان ذلك في عهد السلطان العثماني محمود الثاني عام 1831م فقد ثار أهل غزة على الدولة العثمانية في عهده وقاد عصيانهم مصطفى الكاشف الذي اتفق مع الترابين وتحالف معهم ضد السلطة العثمانية فقاموا بطرد الموظف الذي نصبه متسلم غزة يومئذ حسين آغا وكيلاً على الجمرك ولما علم عبد الله باشا بذلك ارسل لهم كتاباً سنة 1247هـ - 1831م ووقع عليه بصفته والي صيدا ومصر والعريش وغزة
والقدس ونابلس وجنين يسترضيهم فيه وينذرهم في نفس الوقت بسوء العاقبة اذا تمادوا في عصيانهم واليكم نص الكتاب الذي ارسله عبد الله باشا يومئذ الى اهالي غزة واليكم نص الرسالة المحفوظة في ( دائرة المحفوظات الملكية المصرية ): وقد جاء فيه ما يأتي : " من عبد الله باشا إلى أهالي غزة : " قدوة النواب المتشرعين نائب غزة هاشم حالا أفندي زيد فضله , وأفتخار العلماء الكرام المأذون بالأفتاء أفندي زيد علمه , وفرع الشجرة الزكية قائمقام نقيب السادات الأشراف أفندي زيد شرفه , وقدوة الأمائل والأقران ميرالاي زيد قدره , ومفاخر أقرانهم علماء وخطباء وأئمة وسائر وجوه البلدة وأرباب الكلم بوجه العموم يحيطون علماً : طرق مسامعنا بأن بهذه الأثناء تظاهرتم بالعصيان لطرفنا , وصار بينكم وبين عرب الترابين إتفاق وبذلك الوقت كان افتخار الأماجد والأعيان متسلمنا في لواء غزة والرمله ويافا ولد حالا حسين آغا زيد مجده مرسل لطرفكم وكيل من طرفه على الجمرك فطردتموه وسحبتم اعناقكم من قلادة الأطاعة , فقد استغربنا هذا الحال , كان ايالة يافا وغزة والرملة وتلك النواحي مالكانه لنا ببراءة مخلدة بيدنا بمدة حياتنا , كذلك لله تعالى الحمد ما وقع عليكم ظلم وتعدي يوجب منكم هذا الفساد الذي وقع منكم بل أموال الميرية المرتبة من قديم الأيام وسالف العصر والأوان وبورود جناب شيخنا الشيخ أفندي سكيك المحترم أطرفنا سمعنا منها بمقدار وافر مرحمة للفقراء وتلطفاً للرعايا , وبعد هذا كله لله تعالى الحمد عساكرنا وافيه , وكما تعلمون وتتحققون أن لواءهم دائماً منصور , ولا يمكن يتوجهوا الى المحل إلا والنصرة أمامهم , وربما بلغكم ما حصل في الخاسر درويش باشا وأعوانه بالوقعات وهي وقعة راشيا , ووقعة جسر بنات يعقوب , ووقعة المزة التي في أبواب الشام , وحصره داخل قلعة الشام والمولى تعالى كان عاطينا الشام وأسره وأسر من يلوذ به , ولكن مرحمة للفقراء وصيانة للعرض ولئلا تتعطل مصلحة الحج الشريف عدلنا عن دخول عساكرنا للشام , وأمرناهم بالقيام والرجوع الى جسر بنات يعقوب , وهذه المادة ما حصلت منكم الا من عدم تبصركم بالأمور , لكونها مادة تصير سبباً لإباحة دمكم وعرضكم ومالكم , وتصيروا عبرة لمن اعتبر , فلزم الآن اخباركم بذلك لكي تعلموا وتتحققوا أن عساكرنا بحوله تعالى وافرة , مكملين العدة والعدد , ومتأهبين بهذه المرة للأنتقام من كل طاغي وباغي متعدي الحدود , وايديهم على براجق السيوف , وعلى الخصوص الأتحاد والأتفاق الواقه الآن بيننا وبين سعادة والدنا الدستور الوقور الأكرم والآصف المشير الأعظم والى الديار المصرية حالا الحاج محمد على باشا الأعظم وإظهار زيادة ميله وحبه القلبي لطرفنا , فتأكيداً لذلك قبل تاريخه أطلب توجه كتخدانا لعنده , لأجل يوقفه على زيادة ميله وحبه الأكيد لطرفنا , ويحقق لنا ذلك بالمواجهه , ومن بعد الأتكال على واحد أحد قبل تاريخه بيومين سيرنا ولدنا كتخدانا الموحى اليه لطرف سعادة المشار اليه , إن شاء الله تعالى قريباً يحضر كتخدانا من ذاك الجانب , ويتضح للجميع اتحاد الحال بيننا وبين سعادة المشار اليه , ومن المعلوم مهما طلبنا عساكر من جناب سعادته فلا يمنع تسيارهم , وتصبحون أنتم فيما بين أرجل عساكر سعادة المشار اليه وأرجل عساكرنا , وتندمون حيث لا ينفعكم الندم , فها نحن عاملناكم بالرفق والرحمة لقول القائل من حذر فقد أنذر , المراد تجمعوا كباركم وعقلاكم وافنديتكم وعلماؤكم واختياريتكم وتتلوا مرسومنا هذا علناً وتمعنوا النظر به ... الخ قلت نملك الرسالة الأصلية " مخطوطة " بالأضافة لتفاصيل واحداث ما بعد هذه الرسالة التي اوجزنا بعض من محتوياتها وهي طويلة هدد بها الترابين بالأستعانة بجيوش محمد علي لأخماد عصيان أهل غزة جزاء الأستعانة بالترابين والذين كانوا يشكلون قوة إقليمية لا يستهان بها في ذلك الوقت , وكان لهم صولات وجولات ووقائع كثيرة مع جيوش محمد علي باشا ومن قبله المماليك الذين لم يستطيعوا القضاء على نفوذ الترابين رغم تحالفهم مع كثير من القبائل حتى كادوا ان يفنوهم.
_____________________________________________________المصدر : نحتفظ به وهو من مقتنيات المحفوظات الملكية المصرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق